والمحدث على ثَلَاثَة أَنْوَاع مُحدث بِالْوَحْي وَهُوَ الَّذِي يخْفق على الْقلب بِالروحِ ومحدث فِي الْمَنَام أمره على الْأَرْوَاح إِذا خرجت الْأَرْوَاح من الأجساد كلموا ومحدث فِي الْيَقَظَة على الْقلب بِالسَّكِينَةِ فيعقلوه ويعلموه
أما الْمُحدث فِي الْمَنَام مثل مَا رُوِيَ عَن رقية بن مصقلة قَالَ رَأَيْت رب الْعِزَّة جلّ جَلَاله فِي الْمَنَام فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأكرمن مثوى سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَمَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم رَحمَه الله أَنه قَالَ ذَات يَوْم اللَّهُمَّ فَإِنَّهُ قد وَقع الشوق إِلَيْك فِي قلبِي وَالنَّظَر إِلَيْك وَقد علمت أَنَّك لَا ترى فِي الدُّنْيَا فَهَب لي من عنْدك مَا يسكن إِلَيْهِ قلبِي فغفى فِي مَجْلِسه ذَلِك ثمَّ أَفَاق فَقَالَ سُبْحَانَ الله فَقيل لَهُ لم سبحت قَالَ من لطف رَبِّي إِنِّي بَيْنَمَا أَنا غاف إِذا أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ يَا رجل أجب رَبك فَأتيت رَبِّي فكاد يذهب بَصرِي لنُور رَبِّي فناداني رَبِّي فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم تَسْأَلنِي بَدَلا من النّظر إِلَيّ والشوق إِلَى لقائي فَهَل لذاك من بدل فَقلت يَا رب دهشت فِي حبك وَكَانَ قلبِي إِلَيْك فَلم أتمالك أَن قلت مَا قلت فَكيف تَأْمُرنِي أَن أَقُول فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم من وجدت قلبه خَالِيا من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ملأته حبي حَتَّى إِذا ملأته قبضت عَنهُ فَكَانَ فِي قبضي فَإِذا كَانَ فِي قبضي كنت سَمعه الَّذِي بِهِ يسمع وبصره الَّذِي بِهِ يبصر وَيَده الَّذِي بهَا يبطش وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَو سَأَلَني جَمِيع الدُّنْيَا كلهَا فِي كَفه لفَعَلت وَكَيف يتفرغ الى الْمَسْأَلَة من سهلت لَهُ السَّبِيل إِلَى نَفسِي وأريته كَرَامَتِي فَإِن كنت لَا بُد سَائِلًا فاسألني أَن أجمعك إِلَيّ وأونسك بكلامي وآذن لأرواح انبيائي فِي الالتقاء مَعَك فَإِن ذَلِك يهون عَليّ لأوليائي
وَهَذَا لِأَن الْعَامَّة فِي تخطيط من الشَّهَوَات وميل النُّفُوس فَلم يكلموا الا بعد مزايلة الْأَرْوَاح من النُّفُوس والشهوات وَلما صفت عقول الْمُحدثين وطهرت قُلُوبهم وتنزهت من الْآفَات والشهوات والعلائق كلموا على