فَهَذَا عبد كثرت سيئاته حَتَّى غمرته فأدركه غوث تِلْكَ الْكَلِمَة وَلَيْسَت تِلْكَ بِأول مِمَّا قَالَهَا وَلكنهَا كَانَت مقَالَة طَاهِرَة خرجت من زكاوة قلبه فِي سَاعَة من عمره فأنجته فحاطت ذنُوبه وهدمتها وطاشت بالسجلات يَوْم الْوَزْن لوزن تِلْكَ الْكَلِمَة وَإِنَّمَا ثقلت لعظم نورها لِأَنَّهَا خرجت من نور استنار قلبه بالنطق بهَا وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا من عَلَيْهِ فِي سَاعَة من عمره ونبهه فَإِذا انتبه انْفَتح قلبه واستنار صَدره من تِلْكَ الفتحة فَإِذا انْفَتح الْقلب خرج النُّور إِلَى الصَّدْر فأشرق فَأَي كلمة نطق بهَا فِي ذَلِك الْوَقْت فَإِنَّمَا ينْطق على شرح الصَّدْر والمعاينة لصورة تِلْكَ الْكَلِمَة تسمى كلمة الْإِخْلَاص وَكلمَة يَقِين تثقل فِي الْوَزْن يَوْم الْوَزْن وَتَكون سَببا لنجاة صَاحبهَا وَهَذَا لَا يكون فِي شَهَادَة التَّوْحِيد إِذْ لَو كَانَ لَهَا لاستوى النَّاس فِيهَا
قد رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيى وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير مخلصا بهَا روحه مُصدقا بهَا لِسَانه وَقَلبه إِلَّا فتقت لَهُ السَّمَاء فتقا حَتَّى ينظر الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى قَائِلهَا من أهل الدُّنْيَا وَحقّ لعبد إِذا نظر الله إِلَيْهِ أَن يُعْطِيهِ سؤله
شَرط إخلاص الرّوح فَإِن الرّوح سماوي خلقهَا الطَّاعَة وَالنَّفس أرضية خلقهَا الشَّهْوَة مَعْصِيّة كَانَت أَو طَاعَة فَإِذا قَالَ العَبْد هَذِه الْكَلِمَة فِي وَقت فَتْحة الْقلب واستنارته وانشراح الصَّدْر فنمقت النَّفس وذلت وانخشعت وتخلص الرّوح من أسرها وتعلقها بِهِ فَصَارَ روحه كالعازم