الِامْتِنَاع من قَضَاء الشَّهَوَات والامتحان هُوَ أَن يسْتَخْرج سره والسر هُوَ النُّور الَّذِي قذفه فِي قلبه فَإِذا اسْتَقر ذَلِك فِي قلبه وأشرقه بِهِ صَدره صَار ذَاك وقاية لَهُ من جَمِيع مكاره الْآخِرَة فَقيل تقوى وَإِنَّمَا هُوَ وقوى حولت الْوَاو تَاء ومأخذه من الْوِقَايَة فَإِذا فعل ذَلِك فقد امتحنه لِأَنَّهُ يظْهر على الْأَركان بالأفعال المحمودة المرضية
فالنفوس شَابة وَإِن هرمت الْجَوَارِح ونهدت الْأَركان لدوام التنعم بِالْمَالِ والعمر الا هَذِه الطَّبَقَة الممتحنة الَّذين استثناهم فنفوسهم هرمت فِي وَقت شبابهم لإن شهواتهم ذبلت وضعفت بالخشية الَّتِي دخلت قُلُوبهم لما اطلعوا عَلَيْهِ بقلوبهم من علم الملكوت ولعلمهم بِاللَّه تَعَالَى صَارُوا سبيا من سبيه فالمشغوف سبي من بِهِ شغف
فَإِن شغفت بالدنيا فَأَنت سبيهَا وَإِن شغفت بِالآخِرَة فَأَنت سبيهَا وَإِن شغفت بالخالق فَأَنت سبيه وَابْن آدم ركب فِي طبعه أَن لَا تزَال نَفسه تجمع فِي طلب شَيْء حَتَّى إِذا اطَّلَعت على أفضل مِنْهُ رفضب هَذِه وَأَقْبَلت على الْأَفْضَل فَلَا يزَال طَالبا للدنيا حَتَّى إِذا طالع الْآخِرَة رفض هَذِه وَأَقْبل عَلَيْهَا فَلَا يزَال لَهَا طَالبا حَتَّى إِذا طالع الملكوت أقبل على مَوْلَاهُ وَلها عَن ذكر الدَّاريْنِ واشتغل بالماجد الْكَرِيم فتراه سَلس القياد منكسر الْقلب قد أخذت الأحزان بِمَجَامِع قلبه فقطعته عَن فكر الدُّنْيَا وَأَهْلهَا وَمَا هم فِيهِ فَهُوَ حبيس الله فِي سجنه وَهُوَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر والمسجون عينه إِلَى الْبَاب يراقب دَعْوَة من يدعى فيجيب