توعدون) قَالَ {من عمل صَالحا فلأنفسهم يمهدون} وَقَالَ {لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا نزلا من عِنْد الله}
وَأول تحفته أَن يغْفر لحملته إِلَى بَابه والمصلين عَلَيْهِ فَإِن الرجل من عرض النَّاس ليحمل إِلَيْهِ الْهَدِيَّة فيستحيى أَنه ينْصَرف عَنهُ الْحَامِل للهدية خائبا صفر الْيَد حَتَّى يناوله شَيْئا فَكيف الْملك من مُلُوك الدُّنْيَا وَالله تَعَالَى أخرج الْمُؤمن إِلَى الدُّنْيَا ليستكمل ويستعد للقائه ويتزود للأخرة فَمَا زَالَ يسْعَى فِي إرضاء الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَمَّا مَاتَ غسلوه وطيبوه وكسوه وَحَمَلُوهُ هَدِيَّة إِلَى الْحق عز وَجل فَقبله الْحق تَعَالَى وَأَدَّاهُ إِلَى الرَّحْمَة فَلم يستجز أَن ينْصَرف حَملَة هَذِه الْهَدِيَّة خائبين فغفر لَهُم
عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أول مَا يجازى بِهِ العَبْد أَن يغْفر لمن يُصَلِّي عَلَيْهِ قَوْله يجازي من الْجَائِزَة
والتحفة عندنَا هِيَ الطرفة والهدية هِيَ الْعَطِيَّة ومعناهما قريب إِلَّا أَن بَينهمَا نُكْتَة فِي الْفرق فالهدية مَا تعطيه لتستميل بِهِ وَالْهَدْي الْميل وَمِنْه قيل مَشى يتهادى أَي يتمايل وَمِنْه سمي الْهَدْي لِأَنَّهُ يمِيل بِهِ إِلَيْهِ والطرفة شَيْء يُعْطِيهِ بعد الاستمالة وَبعد أَن صَار لَهُ وليا وثقة فَهُوَ يطرفه بِشَيْء يُرِيد أَن يحليه بذلك كالسكر على رَأس الْأرز وَنَحْوه وَالله تَعَالَى يوالي بَين نعمه على العَبْد ثمَّ يُرِيد أَن يبره ويطرفه بِشَيْء لَيْسَ عِنْده فِي الْجنَّة ليتجدد بِهِ بره فَذَلِك الْبر يكون أعظم موقعا وَمن طرقه مَا جَاءَ فِي الْخَبَر إِذا أَرَادَ الله تَعَالَى أَن يتحف عَبده الْمُؤمن سلط عَلَيْهِ من يَظْلمه