فَإِنَّمَا صَار غير مأجور فِي النَّفَقَة فِي التُّرَاب لِأَنَّهُ ينْفق فِي دُنْيَاهُ وَقد أذن الله فِي خرابها وَهُوَ يزِيد فِي زينتها الَّتِي جعلت فتْنَة وبلوى للعباد وَتصير عَاقبَتهَا إِلَى مَا قَالَ الله تَعَالَى {وَإِنَّا لجاعلون مَا عَلَيْهَا صَعِيدا جرزا}
عَن رَاشد بن الْحَارِث أَو غَيره قَالَ بنى أَبُو الدَّرْدَاء كنيفا فِي منزله بحمص فَكتب إِلَيْهِ عمر رَضِي الله عَنهُ لقد كَانَ لَك يَا عُوَيْمِر فِيمَا بنت فَارس وَالروم كِفَايَة عَن تَزْيِين الدُّنْيَا وَقد أذن الله بخرابها فَإِذا أَتَاك كتابي هَذَا فارتحل من حمص إِلَى دمشق قَالَ يَعْنِي أَنه عاقبه بِمَا بنى
فَإِن كَانَ الْبناء مِمَّا لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَقد بنى محتسبا فَهُوَ خَارج عَن ذَلِك لِأَن الْحَاجة إِلَى الْمسكن كالحاجة إِلَى الْمطعم وَالْمشْرَب والملبس والمركب فَإِن كَانَ فِي نَفَقَته فِي هَذِه الْأَشْيَاء محتسبا فَهُوَ مأجور فَكَذَلِك الْمسكن وَإِنَّمَا تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث عندنَا إِذا بنى لنَفسِهِ بِنَاء مرفق لَا يحْتَسب بهَا
وَجَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ كل نَفَقَة ينفقها العَبْد على نَفسه فَهِيَ صدقه
وَعَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنفقت على نَفسك فَهُوَ صَدَقَة وَمَا أنفقت على زَوجك فَهُوَ صَدَقَة