{ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل}
فَهَذَا فِي الظَّاهِر تَجِد رجلا يعبد أصناما ورجلا سلما للْوَاحِد القهار وَفِي الْبَاطِن رجلا فِي قلبه شُرَكَاء متشاكسون وَهِي شهواته الَّتِي تغلي فِي صَدره فقد سبى قلبه أَسبَاب تِلْكَ الشَّهَوَات ورجلا قد انْفَرد قلبه للْوَاحِد وخلا من جَمِيع الْأَسْبَاب وَمَاتَتْ نَفسه من الشَّهَوَات {هَل يستويان مثلا} ثمَّ قَالَ {الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ}
ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ}
فَأهل الظَّاهِر لم يعبروا عَن الْأَسْبَاب إِلَى وَليهَا فضيعوا حُقُوقه وركبوا مساخظه وَأهل الْيَقِين يعلمُونَ ربوبيته قَائِمَة فِي الْأَسْبَاب فَلَا تطرف عين وَلَا ينبض عرق وَلَا تحس حاسة إِلَّا بِإِذْنِهِ وقوام الْأَشْيَاء ودوامها بِهِ فاحتدت أبصار قُلُوبهم بِنور الْيَقِين فنفذت إِلَى تَدْبِير ولي الْأَسْبَاب فاستوطنت على الْقرْبَة عاكفة على رَبهَا عز وَجل وَوَلَّتْ الْأَسْبَاب ظهرا فَهُوَ يمْضِي فِي الْأَسْبَاب كَسَائِر الْخلق والأسباب لَا تَأْخُذهُ وَلَا تفتن قلبه لِأَن قلبه بَين يَدي الْخَالِق مبهوت فِي جَلَاله وعظمته والأسباب من وَرَاء ظَهره فَهُوَ يمْضِي فِيهَا وَلَا يلْتَفت إِلَيْهَا
وَإِنَّمَا تأخذالأسباب من استنزلته نَفسه وَصَارَ قلبه سبيا لنَفسِهِ وأسيرا من أسرائه فَإِذا خلف شَيْئا فِي مَكَان أَرَادَ أَن يغيب عَنهُ واستودع الله ذَلِك الشَّيْء فَهد امنه فِي ذَلِك الْوَقْت تخل وتبرؤ من حفظه ومراقبته لِأَنَّهُ