وَحسان وَحسن وندمان ونديم فالعريان هُوَ المتجرد عَن الثَّوْب والعاري الَّذِي أخلق ثِيَابه وبلي قَالَ النَّابِغَة
(أَتَيْتُك عَارِيا خلقا ثِيَابِي ... على خوف يظنّ بِي الظنون)
فالحياة الْعُظْمَى هِيَ حَيَاة الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت فَمن حيى قلبه بِاللَّه سعد وللحياة بَين الْعباد دَرَجَات فالكافر ميت الْقلب حَيّ الْجَسَد بحياة الرّوح فِيهِ وحياة النَّفس الأمارة بالسوء وَالْمُؤمن حَيّ الْقلب حَيّ الْجَسَد فحياة قلبه بِاللَّه وحياة جسده بِالروحِ وَالنَّفس فنال بِتِلْكَ الْحَيَاة التَّوْحِيد ثمَّ لم يزل يعْمل الطَّاعَات يتَقرَّب بهَا إِلَى ربه فَكلما ازْدَادَ قربا زَاده الله حَيَاة قلب بِهِ وَكلما ازْدَادَ من الله قربه ازْدَادَ حَيَاة حَتَّى ينَال دَرَجَة الشَّهَادَة فيبذل نَفسه لله ويؤثر الله على نَفسه عِنْد كل أَمر لِأَن الْمُؤمن ممتحن بالشهوات فَإِذا عارضته شَهْوَة آثر الله على تِلْكَ الشَّهْوَة فرفضها وَلم يذقْ نَفسه طعمها عادى نَفسه فِي ذَات الله فَهَذَا عبد قد أَرَادَ الله ورفض نَفسه فَحق على الله أَن يُريدهُ ويؤثره وَإِن للشهوة حلاوة وَلَذَّة ولوجود الله بِالْقَلْبِ لَذَّة وحلاوة ووجوده أَن يتَرَاءَى لفؤاده نور من أنوار فيهيج من قلبه حبه لَهُ وشوقه إِلَى لِقَائِه فَكلما كَانَ ذَلِك النُّور أَعلَى كَانَ هيجان الْقلب وفوران الشوق وسلطان الْحبّ أقوى وَأَشد فَمن عارضته شَهْوَة من شهوات الدُّنْيَا فَأعْطى نَفسه حلاوتها ولذتها فقد آثر نَفسه على الله تَعَالَى فَهُوَ مَحْجُوب عَن الله بِقدر مَا آثر لِأَن قلبه قد صَار والها عَن الله بِتِلْكَ الشَّهْوَة فبقدر مَا صَار وَصَارَ ولهه إِلَى الشَّهْوَة نقص ولهه الَّذِي يوله إِلَى الله وبقدر ذَلِك نقص من نور كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن نور كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله أثقل فِي الْمِيزَان من سبع سموات وَسبع أَرضين وَجَمِيع مَا فيهمَا من الْخلق
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَا رب دلَّنِي على عمل أعمله
قَالَ يَا مُوسَى قل لَا إِلَه إِلَّا الله