وَسميت هَذِه عاجلة لِأَنَّهَا عجلت وَتلك آجلة لِأَنَّهَا أجلت فَفِي هَذِه الدَّار زِينَة وحياة وَفِي تِلْكَ الدَّار زِينَة وحياة وحياة هَذِه من الرّوح الْمركب فِي هَذَا القالب الَّذِي هُوَ من اللَّحْم وَالدَّم والعظم والعصب وَالْعُرُوق والشهوة واللذة فِي هَذَا القالب وأصل الشَّهْوَة من الْفَرح وأصل اللَّذَّة من الذِّهْن وأصل القالب من التُّرَاب والحياة مَسْكَنهَا فِي الرّوح وَالروح مَسْكَنهَا فِي الدِّمَاغ ثمَّ هُوَ منفش فِي جَمِيع الْجَسَد وَأَصله مُعَلّق فِي الوتين عرق الْقلب مشدود هُنَاكَ وَذَلِكَ الْعرق نِيَاط الْقلب وَالنَّفس مَسْكَنهَا فِي الْبَاطِن ثمَّ هِيَ منفشية فِي جَمِيع الْجَسَد وَأَصلهَا مشدود بِهَذَا الْعرق والشهوات فِي النَّفس واللذة مِنْهَا وعملها من الذِّهْن فَهَذِهِ الزِّينَة والحياة الَّتِي فِي النَّفس تسْتَعْمل هَذَا القالب فَمَا كَانَ من عمل الْعين خرج إِلَى الْعين وَمَا كَانَ من عمل السّمع خرج إِلَى السّمع وَمَا كَانَ من عمل الْمنطق خرج إِلَى اللِّسَان وَمَا كَانَ من عمل الْيَد خرج إِلَى الْيَد وَمَا كَانَ من عمل الرجل خرج إِلَى الرجل فمخرج أَعمال الْجَوَارِح السَّبع من الْفَرح الَّذِي فِي الْقلب وَمن الزِّينَة والحياة الَّتِي فِي النَّفس فَإِذا حزن الْقلب ذبلت النَّفس وانطفأت نَار الشَّهْوَة وتعطلت الْجَوَارِح عَن الْعَمَل وسكنت الحركات وَإِذا فَرح الْقلب هَاجَتْ النَّفس وَصَارَت قَوِيَّة طرية وأثارت نيران الشَّهَوَات واستعملت الْجَوَارِح فالفرح رَأس مَال أَعمال الْجَوَارِح وَالْعَبْد مبلو بِهَذَا الْفَرح فَإِذا حيى الْقلب بِاللَّه ففرح بِشَيْء من زِينَة الدُّنْيَا ترَاءى ذَلِك النُّور الَّذِي فِي قلبه وَتلك الْحَيَاة الَّتِي لِقَلْبِهِ صنع الله فِي تِلْكَ الزِّينَة وخلقه لَهَا وَرَحمته فِيهَا ورأفته على عَبده بذلك فقبلها من ربه واستبشر بهَا وَصَارَ ذَلِك الْفَرح لله ونطق بِالْحَمْد لله وأضمر على الطَّاعَة شكرا لله وإظهارا لعلمه أَن هَذَا لَهُ من الله حَتَّى يَأْخُذ الْفَرح من صَدره فِي جَمِيع جوارحه فَيذْهب كسله وتقوى عزيمته وتتجدد نِيَّته وتطيب نَفسه
فَهَذَا عبد حَامِد لله شاكرا لَهُ قد صدق علمه بِأَنَّهُ من الله يَقُول بِلِسَانِهِ الْحَمد لله ثمَّ يصدقهُ بِفعل جوارحه شكرا لله وَإِذا هاج الْفَرح