أخْفى من دَبِيب النَّمْل فِي الْقلَّة والرقة فَهَذَا مدح لهَذِهِ الْأمة لِأَن شرك الْأَسْبَاب ذاب فيهم وتلاشى بِفضل يقينهم حَتَّى صَار أخْفى من دَبِيب النَّمْل لِأَن دَبِيب النَّمْل لَا يُؤثر على الصَّفَا وَكَذَلِكَ مَا بَقِي من الْأَسْبَاب لَا يُؤثر على أهل الْيَقِين لِأَن قُلُوبهم صلبت بِالْيَقِينِ وَصَارَ كزير الْحَدِيد والصخر
عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشّرك أخْفى من دَبِيب النَّمْل على الصَّفَا فِي اللَّيْلَة الظلماء وَأَدْنَاهُ أَن يحب على شَيْء من الْجور أَو يبغض على شَيْء من الْعدْل وَهل الدّين إِلَّا الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله قَالَ الله تَعَالَى {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله}
فَأَما قَوْله أَن يحب على الْجور وَيبغض على الْعدْل إِنَّمَا يحب على الْجور رَجَاء الْمَنْفَعَة مِنْهُ وَيبغض على الْعدْل خوف الْمضرَّة ورجاء الْمَنْفَعَة
عَن وهب بن أبان عَن عبد الله بن عمر قَالَ خرج عبد الله ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي سفر لَهُ فَإِذا بِجَمَاعَة على طَرِيق فَقَالَ مَا هَذِه الْجَمَاعَة قَالُوا أَسد قطع الطَّرِيق فَنزل فَمشى إِلَيْهِ حَتَّى قفده بِيَدِهِ ونحاه عَن الطَّرِيق ثمَّ قَالَ مَا كذب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا يُسَلط على ابْن آدم من خافه ابْن آدم وَلَو أَن ابْن آدم لم يخف غير الله لم يُسَلط الله عَلَيْهِ غَيره وَإِنَّمَا وكل ابْن آدم إِلَى من رجاه ابْن آدم وَلَو أَن ابْن آدم لم يرج إِلَّا الله لم يكله الله إِلَى غَيره
وَإِنَّمَا هُوَ شرك وَشك وَالشَّكّ هُوَ ضيق الصَّدْر فَإِذا أحست النَّفس