وَلذَلِك سمي إزارا لِأَنَّهُ قُوَّة الْمَرْء فَمن أسلم وَجهه لله أوجب لَهُ حظا من ذَلِك الْعِزّ وَمن أعرض عَنهُ فأشرك بِهِ غَيره فِي ملكه حرمه عزه وَمن احتظى بذلك الْعِزّ فقد تزكّى والزكاء النَّمَاء والاحتشاء والاكتناز فالمؤمن زكي محتش مكتنز وَالْكَافِر خَال خاو رخو ضَعِيف
فَمن ازْدَادَ لله تَسْلِيمًا وَإِلَيْهِ طمأنينة فِي الْأَحْوَال كلهَا ازْدَادَ نموا واحتشاء واكتنازا قَالَ الله تَعَالَى {قد أَفْلح من تزكّى} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن تزكّى فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ} وَقَالَ تَعَالَى وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكى مِنْكُم من أحد أبدا وَلَكِن الله يُزكي من يَشَاء فَمن تزكّى فبفضله وَرَحمته تزكّى وَهُوَ نور التَّوْحِيد
ثمَّ قواه حَتَّى رَبِّي ذَلِك النُّور بالشكر واستوجب الْمَزِيد وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يَأْته مُؤمنا قد عمل الصَّالِحَات فَأُولَئِك لَهُم الدَّرَجَات العلى} وَقَالَ تَعَالَى {وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ}
فقوى رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ بِتِلْكَ الْعِزَّة الَّتِي أخرجهَا من عزه وَسَماهُ عزة وَسَماهُ إزارا ليعلم الْعباد أَنَّهَا قُوَّة لَهُم كل يحتظي مِنْهُ على قدر بذل نَفسه لله فِي الائتمار بِمَا يَأْمُرهُ وَوضع لَهُ نَفسه بِالْأَرْضِ ذلة وخشوعا فِي الِانْتِهَاء عَمَّا نهوا عَنهُ وَترك مشيئآته فِي أَحْوَاله كلهَا لمشيئته فعلى قدر ذَلِك يسْتَوْجب الْحَظ من تِلْكَ الْعِزَّة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين}