الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن ارْحَمْ من فِي الأَرْض يَرْحَمك من فِي السَّمَاء
فالرحمة الْمَكْتُوبَة على نَفسه مائَة رَحْمَة والمقسومة مِنْهَا وَاحِدَة بَين خلقه فِيمَا رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالواحدة الَّتِي قسمهَا بَين خلقه احتظى مِنْهَا الْآدَمِيّ وَسَائِر الْأُمَم حَتَّى الطُّيُور والوحوش والبهائم فَتلك رَحْمَة الْعَطف فبها يتعاطفون قد اشْترك فِيهَا البرر والفاجر وَالْوَلِيّ والعدو وَأما هَذِه الرَّحْمَة الَّتِي وَصفنَا بدءا فَهِيَ رَحْمَة الْإِيمَان مَأْخُوذَة من الرَّحْمَة الْعُظْمَى الَّتِي مِنْهَا بَدَت تِلْكَ الْمِائَة فأوفرهم حظا من الْمعرفَة بِاللَّه وَالْعلم بِهِ أوفرهم حظا من الْقرْبَة وأوفرهم حظا من الْقرْبَة أوفرهم حظا من الرَّحْمَة فَكلما كَانَ الْقلب أقرب إِلَى الله كَانَ أَلين وفؤاده أرق وَكلما تبَاعد الْقلب من الله بِمَعْصِيَة يَأْتِيهَا كَانَ قلبه أقسى وَأبْعد من الرَّحْمَة أَلا يرى إِلَى قَوْله تَعَالَى {فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية}
فَإِنَّمَا قست قُلُوبهم بالتباعد من الله من أجل نقض الْمِيثَاق وَذَلِكَ لما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا رَحِيم قَالُوا يَا رَسُول الله كلنا يرحم قَالَ لَيْسَ رَحْمَة أحدكُم خويصته يَعْنِي أَهله وَولده وَلَكِن حَتَّى يرحم الْعَامَّة فرحمتك الخويصة هِيَ رَحْمَة الْعَطف من الرَّحْمَة المقسومة بَين خلقه ورحمتك الْعَامَّة من رَحْمَة الْمعرفَة بِاللَّه تَعَالَى