عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَتَاكُم أهل الْيمن أَلين قلوبا وأرق أَفْئِدَة
فميزت الْحُكَمَاء بَين اللَّفْظَيْنِ وحكموا لكل وَاحِد بِالصَّوَابِ وَذَلِكَ أَن الْقلب هُوَ الْبضْعَة الْبَاطِنَة والفؤاد الْبضْعَة الظَّاهِرَة الَّتِي فِيهَا العينان والأذنان والنور فِي الْقلب ويتأدى إِلَى الْفُؤَاد فالرؤية للفؤاد والتقلب للقلب وَلذَلِك سمي قلبا وَالله تَعَالَى يقلبه وَفِي الدُّعَاء يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي وَقَالَ {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} وَلَكِن أصل التقليب للقلب وَإِن نَالَ الْفُؤَاد مِنْهُ حظا وَلذَلِك لم يسم قلبا وَسمي فؤادا
وَنسب الرُّؤْيَة إِلَى الْفُؤَاد فَقَالَ {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} لِأَن الْعَينَيْنِ على الْفُؤَاد يُقَال هَذَا خبز فئيد لخبز مِلَّة لِأَن لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا وَظَاهره مفشي عَلَيْهِ فاللين للقلب والرقة للفؤاد لِأَنَّهُ إِذا دخل النُّور الْقلب بِالرَّحْمَةِ دخل فرطب الْقلب بِالرَّحْمَةِ ولان ثمَّ لَا يزَال ذَلِك النُّور يعْمل فِي ذَلِك الْقلب بحره وحريقه حَتَّى يرقق هَذِه الْبضْعَة الطاهرة لذوب تِلْكَ اللحمة فَمن زيد فِي نور قلبه كَانَ أرق لفؤاده لذوب تِلْكَ الْبضْعَة من فُؤَاده واللين من قلبه لرطوبة الرَّحْمَة فَإِنَّمَا وصف أهل الْيمن بذلك وَأخْبر بحظهم من الله فَمن لم يصل إِلَى معرفَة هَذَا الَّذِي وَصفنَا وَكَانَت رِوَايَته حفظا اشْتبهَ عَلَيْهِ الْأَمر فَمرَّة يَقُول أَلين قلوبا أرق أَفْئِدَة