قَالَ أَبُو عبد الله اقْتضى الْعلمَاء الْأَدَاء وتبليغ الْعلم فَلَو كَانَ اللَّازِم لَهُم أَن يؤدوا تِلْكَ الْأَلْفَاظ الَّتِي بلغت أسماعهم باعيانها بِلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَلَا تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير لكانوا يستودعونها الصُّحُف كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ فَكَانَ إِذا انْزِلْ الْوَحْي دَعَا الْكَاتِب فَكَتبهُ مَعَ مَا توكل الله لَهُ بجمعه وقرآنه فَقَالَ {إِن علينا جمعه وقرآنه} وَقَالَ {وَإِنَّا لَهُ لحافظون}
فَكَانَ الْوَحْي محروسا مَعَ الحرس يَكْتُبهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو كَانَت هَذِه الْأَحَادِيث سَبِيلهَا هَكَذَا لكتبها أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَل جَاءَنَا عَن أحد مِنْهُم أَنه فعل ذَلِك
وَجَاء عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صحيفَة فَأذن لَهُ
وَأما سَائِر الْأَخْبَار فانهم تلقنوها مِنْهُ حفظا وأدوها حفظا فَكَانُوا يقدمُونَ ويؤخرون وتختلف أَلْفَاظ الرِّوَايَة فِيمَا لَا يتَغَيَّر مَعْنَاهُ فَلَا يُنكر ذَلِك مِنْهُم وَلَا يرَوْنَ بذلك بَأْسا
وَرُوِيَ أَنه لما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار