أَو قُوَّة أَو علما أَو ذهنا أَو شَيْئا من هَذِه الْأَشْيَاء لم يقتضه مَا يخرج لَهُ من ذَلِك الشَّيْء كَمَا لَو أَنه لم يعطك الْقَائِمَة لم يقتضك الصَّلَاة قَائِما وَلَو لم يعطك الْقُوَّة لم يقتضك الصَّوْم وَلَو لم يعطك المَال لم يقتضك الزَّكَاة وَلَا الْحَج وَلَو لم يعطك الْكسْوَة أجزئ عَنْك الصَّلَاة عُريَانا وَلَو لم يعطك المَاء أجزئ عَنْك التَّيَمُّم

فَكَذَلِك مَا فِي الْبَاطِن كل شَيْء لم يعطك لم يقتضك اسْتِعْمَاله وإبرازه عَنْك وكل شَيْء أعطاكه وَوَضعه فِيك فَإِنَّمَا أَعْطَاك لتبرزه فَيكون رَبك مَحْمُودًا على مَا وضع فِيك ناشرا فِي خلقه جماله ومحاسن فعاله وَتَكون عَلَيْهِ مثابا مكرما فَإِذا منعته إبرازك إِيَّاه فقد ظلمت نَفسك وضيعتها وضاعت عَنْك الْأَشْيَاء الَّتِي وَضعهَا فِيك فالقلب أَمِير على الْجَوَارِح وَالروح مُعَلّق بالوتين وَهُوَ عرق الْقلب والحياة فِي الرّوح وَكلما زيد من الْحَيَاة حيى الْقلب وَزَاد علمه ومعرفته وانبسط ذَلِك الْعلم فِي الصَّدْر وتميزت الْأَشْيَاء وتدبر الْعقل فِي صَدره فميز الْحسن من السَّيئ فالعلم إِلَى الذِّهْن وَالتَّدْبِير والتمييز إِلَى الْعقل فَجعل للقلب عينين وَجعل لَهما طَرِيقا إِلَى الْمظهر وَهُوَ الْعَرْش وَمد بصر قَلْبك إِلَى مظهر نور الْعلم بِاللَّه والمعرفة لله حَتَّى يرجع بَصَره إِلَى صدرك بِعلم عَزِيز وَأُمُور مُسْتَقِرَّة يعلم كنهها وكيفيتها وَوضع الشَّهَوَات فِي الْجوف ففوران الشَّهَوَات لَهَا دُخان وغيوم لِأَنَّهَا من بَاب النَّار وجالبها وناقلها الْهوى فَإِذا صَارَت إِلَى الصَّدْر صَار الصَّدْر كَيَوْم مغيم قد حَال بَين نور الشَّمْس وَبَين قَلْبك فَإلَى أَيْن تهتدي وَأي طَرِيق تسلك فِي ذَلِك الْغَيْم وَأي شَيْء تتوقى حَتَّى لَا تتردى فِيهِ مَعَ ذَلِك الدُّخان وَأي أَرض مشاكة تتجنبها حَتَّى لَا تقع فِيهَا وَأي مزبلة تحيد عَنْهَا حَتَّى لَا تتلوث فِي أقذارها فَإِذا سكنت الغيوم وَذهب الفوران وبرزت الشَّمْس فأشرقت اهتديت للطريق وتتجنب الْآفَات لِأَنَّهَا صَارَت رَأْي الْعين فَإِذا ذهبت الغيوم ورميت ببصر الْعين الَّذِي على الْفُؤَاد امْتَدَّ الْبَصَر إِلَى ذَلِك الَّذِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015