صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان الْقُرْآن فِي وَاد وهم فِي وَاد غَيره

فَإِنَّمَا صَار فِي وَاد لِأَن جواهرهم ودنانيرهم قد صَارَت خرزا وخزفا وفلوسا وعظاما وزجاجا فالقرآن كَلَام رب الْعَالمين جرى إِلَيْهِم من أصل الْجَوَاهِر ليعقلوا عَنهُ كَلَامه بأنوار تِلْكَ الْجَوَاهِر فَإِذا خدعهم الْعَدو بنفخة الْكبر فيهم ونفثة الشَّهْوَة وسلطان الْهوى صَارَت هَذِه الْأَشْيَاء بَدَلا فَلم يُوجد للخرز والخزف والفلوس أنوار تشرق ليستنير الصَّدْر لكَلَام رب الْعَالمين أَو يتَرَاءَى لعين الْفُؤَاد فِي ظلمات الْكبر تِلْكَ الْمعَانِي واللطائف هَيْهَات مَا أبعد مَا وَقع الْقَوْم انخدعوا لِلْعَدو بخيانة نُفُوسهم حَتَّى أهلكهم قَالَ الله تَعَالَى {سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق}

تِلْكَ قُلُوب عز رَبِّي وَجل عَن أَن ينظر إِلَيْهَا حَتَّى يزين فِيهَا الخرز والحصى والخزف بدل الْفُلُوس وَتلك الْجَوَاهِر وَتلك قُلُوب صرفهَا الله عَن آيَاته ودلائله فعميت وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور تِلْكَ قُلُوب أعرض الله عَنْهَا وشغلها بِمَا كثر عَلَيْهَا من دنياها الخربة من زينتها ولهوها ولعبها ومتاع غرورها تِلْكَ قُلُوب فرحت بِنَفسِهَا ودنياها الدنية وشهواتها الردية فطمسها الله عَن الْفَرح بِهِ والقلوب المطموسة معرض عَنْهَا خَالِقهَا قَالَ الله تَعَالَى {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا فنردها على أدبارها}

وَإِذا أعرض الله عَن قلب صَار الصَّدْر كنهار غربت شمسه وَإِذا أظلم الصَّدْر انقبض الْقلب وذبل وافتقر وَصَارَ أَسِير النَّفس فالفرح بِاللَّه برد يُطْفِئ حرارة النَّفس وشعاع ينير الصَّدْر وحياة تهزم جَمِيع الشَّهَوَات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015