الْمُصِيبَة أحب إِلَيْك من أَن لَو نفيت عَنْك الْمُصِيبَة وَلكُل حق حَقِيقَة وَلَا يبلغ العَبْد حَقِيقَة الْإِيمَان حَتَّى يعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَأَن مَا أخطأه لم يكن ليصيبه وَلَا يبلغ العَبْد حَقِيقَة الْإِخْلَاص حَتَّى لَا يحب أَن يحمد على شَيْء عمل لله عز وَجل
فَهَذَا فعل السَّابِقين ومنزلة أُخْرَى فِي هَذَا الْبَاب أشرف من هَذَا كُله وَهُوَ أَن يحب أَن يحمد ومنبع حبه للحمد حب الله تَعَالَى فَهَذَا يحب أبدا أَن يكتسي حَمده فَيرى عَلَيْهِ تِلْكَ الْكسْوَة وتنطلق الْأَلْسِنَة بذلك الْحَمد لَهُ فَتكون تِلْكَ الْأَلْسِنَة شُهُود الله لَهُ فِي أرضه فَهَذَا أشرف الْمنَازل وَهُوَ الَّذِي سَأَلَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ربه فَقَالَ {وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين} أَي الثَّنَاء الْحسن فَأُجِيب إِلَى ذَلِك فَقَالَ {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين}
وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوض ذَلِك إِلَى ربه فزاده فَقَالَ {ورفعنا لَك ذكرك} فقرن ذكره بِذكر نَفسه ثمَّ جعل لأمته من ذَلِك أوفر الْحَظ فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَا رب من أولياؤك قَالَ الَّذين إِذا ذكرُوا ذكرت وَإِذا ذكرت ذكرُوا
وَقيل يَا رَسُول الله من أَوْلِيَاء الله قَالَ الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله
عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم إِذْ مرت بِهِ جَنَازَة فَسَأَلَ عَنْهَا وأثنوا عَلَيْهَا خيرا فَقَالَ وَجَبت ثمَّ مرت بِهِ أُخْرَى فَأَثْنوا عَلَيْهَا شرا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَجَبت فَقُلْنَا يَا رَسُول الله قلت وَجَبت قَالَ إِن الْمُؤمنِينَ شُهُود الله فِي الأَرْض إِذا شهدُوا للْعَبد بِخَير أوجب الله لَهُ الْجنَّة وَإِذا شهدُوا للْعَبد بشر أوجب الله لَهُ النَّار