قَالَ أَبُو عبد الله الْفِقْه مُشْتَقّ من التفقؤ وَهُوَ انكشاف الغطاء عَن الشَّيْء يُقَال تفقأت الثَّمَرَة عَن أكمامها وتفقأ الْحبّ عَمَّا فِيهِ وفقأ عينه إِذا انخرق الْحجاب وانكشف عَن الحدقة فعلوم الْأَشْيَاء فِي الصَّدْر مجتمعة متراكمة بَعْضهَا على بعض فإحساس الْقلب من ذَلِك الْعلم هُوَ علم الْقلب أَدَّاهُ إِلَى الذِّهْن وَإِلَى الْحِفْظ عِنْد الْحَاجة كنبعان الْعين ينفجر مِنْهُ الشَّيْء بعد الشَّيْء فَمَا دَامَ هَكَذَا فَهُوَ سَاكن خامد لَا قُوَّة لَهُ فَإِذا تصور فِي الصَّدْر لعين الْفُؤَاد قوي الْقلب بذلك الَّذِي تصور فَذَلِك علم مستتر وَفِي الْقلب بَقِيَّة من الضعْف والخمود فَإِذا انْكَشَفَ الغطاء عَن الصُّورَة الَّتِي تصورت فِي الصَّدْر فَذَلِك الْفِقْه لِأَنَّهُ حِين تصور فِي الصدد أحس الْقلب بِتِلْكَ الصُّورَة علما وَلم يرهَا لِأَن الغطاء بَينه وَبَين الْعلم قَائِم وَهُوَ ظلمَة الْهوى فَهُوَ عَالم بذلك الشَّيْء يترجمه بِلِسَانِهِ ويتضمنه بحفظه وتمثل صورته لعقله وَلَيْسَت لَهُ قُوَّة ينْتَصب قلبه لذَلِك ويتشمر لفعله ويطمئن إِلَيْهِ حرارة الْعلم وقوته

فَإِذا انْكَشَفَ الغطاء عَن تِلْكَ الصُّورَة الَّتِي صورها عقله صَار عيَانًا للفؤاد فَيُقَال لذَلِك العيان علم الْيَقِين قَالَ الله تَعَالَى {كلا لَو تعلمُونَ علم الْيَقِين لترون الْجَحِيم ثمَّ لترونها عين الْيَقِين} فعين الْيَقِين يَوْم الْقِيَامَة وَعلم الْيَقِين فِي الدُّنْيَا فِي الصَّدْر فَسَماهُ رُؤْيَة ليعلم أَن هَذِه رُؤْيَة عين الْفُؤَاد وَتلك فِي الْآخِرَة رُؤْيَة عين الرَّأْس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015