الْأَمَانَات والتفريط فِي الْفَرَائِض ونسيان الْمَوْت والمعاد والقبر وَالْقِيَامَة والحساب بَين يَدي الله تَعَالَى وَقطع النَّار على الجسور وَيمْنَع الْحُقُوق ويعرض عَن مواعظ الله عز وَجل وَإِذا تَلا الْقُرْآن فَكَأَنَّمَا ينشد شعرًا أَو يَحْكِي كَلَام النَّاس لَا يَتَحَرَّك قلبه لوعد وَلَا لنبأ من أنباء الْقُرْآن وَلَا تَدْمَع عينه وَلَا يدْرِي مَا تَلا إِنَّمَا همه أَن يطيب نَفسه بِأَنِّي قَرَأت وتلوت فَهُوَ فِي مثل هَذَا الْقلب الخرب ممتلئ من الْغِشّ والغل والحقد وَطلب الْعُلُوّ والتعزز والتجبر والتكبر وإهمال الْجَوَارِح وتضييع الْبركَة على الْجَوَارِح السَّبع وَهِي الْمِيثَاق يتعشق على الْحور ويتلمظ على فواكه الْجنَّة ويتشمم برياحين الْجنان من بعد لسَمَاع الْأذن أبله من الأبالهة زبونا من زبون الشَّيْطَان أَحمَق من حمقى أهل الغي لَيْسَ من الْحَيَاة فِي قلبه أَن إِذا سمع بِذكر الْجنَّة قَالَ الْجنَّة دَار الله فغمض عَيْنَيْهِ حَيَاء من الله تَعَالَى وَقَالَ مثلي يصلح لدار الله وَأَنا لَا أصلح لدار أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي هُوَ عَبده فِي الدُّنْيَا ثمَّ دَمَعَتْ عَيناهُ وَاحْتَرَقَ جَوْفه مَخَافَة الْفَوْت والبعد من الله تَعَالَى لفوتها وأخذته الْحَسْرَة والندامة حَتَّى أَدَّاهُ ذَلِك إِلَى التضرع والحزن الدَّائِم والتوقي والتورع وَملك النَّفس
فَهَذِهِ النَّفس بفضلتها هِيَ كالمحتلم الَّذِي وَصفنَا أَنه إِذا انتبه استحيا من نَفسه بِمَا سخر بِهِ شَيْطَانه وَوجد فِي نَفسه حسرة حَيْثُ رأى نَفسه خَالِيَة عَمَّا رأى فِي مَنَامه فَهُوَ بَين حسرة وحياء
كَذَلِك هُوَ المتعشق بفضلته إِذا قدم على الله استحيا مِنْهُ حَتَّى يتصبب عرقا وتحسرت نَفسه إِذا رأى مَا فَاتَهُ من مَوْعُود الله للمطيعين الأتقياء فَمن آتَاهُ الله الْمعرفَة إِذا تذكر الْجنَّة بَكَى حَيَاء من الله أَن رأى جسدا توسخ وتدنس الْوَسخ من الآثام والدنس من الْعُيُوب وَرَأى الْجنَّة مُقَدَّسَة بقدس الله مطهرة بطهر الله مسفرة تضحك إِلَى أَوْلِيَاء الله تَعَالَى فَرجع إِلَى قلبه فَرَآهُ مَعَ الأوساخ والأدناس فاستحيى من الله وَبكى على أَيَّامه الَّتِي عطلها على اكْتِسَاب رضوَان الله واكتسب بهَا معاصي الله فَهَذَا لَهُ