تَنْزِيله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم} فَجعل اتِّبَاع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علما لمحبة الله فَمن اتبعهُ صدقا نَالَ حبه صدقا
عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} قَالَ على الْبر وَالتَّقوى والتواضع وذلة النَّفس
فالبر وَالتَّقوى هُوَ الْهِجْرَة الَّتِي ذَكرنَاهَا والتواضع هُوَ السَّبق لِأَن من تواضع رَفعه الله وذلة النَّفس نصْرَة الْحق
قَالَ لَهُ قَائِل وَكَيف صَار نصْرَة الْحق فِي النَّوَافِل دون الْفَرَائِض قَالَ إِن نصْرَة الْحق مِنْهُ فِي الْفَرَائِض منكمنة لِأَنَّهُ إِن ترك الْفَرَائِض فخوف الْوَعيد يحملهُ على الْقيام بهَا فَمَا دَامَ يُؤَدِّي الْفَرَائِض فَهُوَ نَاصِر للحق وَلَكِن النُّصْرَة منكمنة لِأَنَّهُ رُبمَا أَدَّاهَا من خوف الْعقَاب والوعيد فَإِذا تنفل فقد انكشفت النُّصْرَة لِأَنَّهُ يعْمل لَا من خوف الْوَعيد إِنَّمَا يُرِيد أَن يتودد ويتقرب ويتحبب إِلَى ربه أَلا ترى أَنه قَالَ فِي حَدِيثه وَإنَّهُ ليتقرب إِلَيّ بعد ذَلِك بالنوافل حَتَّى أحبه فَإِنَّمَا أوجب لَهُ حبه بِمَا تحبب إِلَيْهِ بالنوافل فقد تقرب العَبْد بالفرائض وتحبب وَلَكِن كَانَ ذَلِك مِنْهُ منكمنا لِأَن خوف الْوَعيد قد مازجه فبالنوافل ظهر مَا كَانَ منكمنا فأظهر لَهُ حبه فأوجبه لَهُ
عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ الْعَبَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ ثِيَاب بيض فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجهه فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا الْجمال قَالَ صَوَاب القَوْل بِالْحَقِّ قَالَ فَمَا الْكَمَال قَالَ حسن الفعال بِالصّدقِ