وَأما أحزانهم فَمن ظماء الشوق إِلَى الله عز وَجل فهذان الصنفان لم ينفكوا من الغموم وَالْأَحْزَان وسائرهم مخلطون بطالون لعمرهم غافلون عَن الْآخِرَة سكارى حيارى سكارى عَن وعده ووعيده حيارى فِي سيرهم إِلَيْهِ وركض اللَّيْل وَالنَّهَار بهم إِلَى الله تَعَالَى فهم الَّذين يفزعون من غموم الدُّنْيَا ورين الذُّنُوب المعذبة لقُلُوبِهِمْ فِي ظلمات سجون الْمعاصِي إِلَى المرجاح تلهيا وتلعبا يتفرجون ويتنشطون ويتلبسون ويلتمسون النزهة ونسيمها وَلَا يعلمُونَ أَن النزهة فِي نزاهة الْقُلُوب وتطهيرها من آفَات النَّفس وخدعها ورين الذُّنُوب حَتَّى يَجدوا نسيم الملكوت وروح قرب الله تَعَالَى على قُلُوبهم فِي عَاجل دنياهم
رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْإِيمَان حُلْو نزه فنزهوا
فَإِذا التمس العَبْد هَذِه النزهة فَهُوَ نور على نور وَالْقلب مشحون بِالنورِ والصدر مشرق بِالنورِ يعلم من ربه وَيعلم مَا من بِهِ عَلَيْهِ ربه وَهُوَ عَنهُ غنى وَلكنه رَحمَه فَمن عَلَيْهِ مِمَّا يرى عِنْده فَأَي فَرح يَتَّسِع مَعَ هَذَا الْفَرح فِي قلب وَكَيف يبْقى فِي قلب فِيهِ هَذَا الْفَرح بِاللَّه متسع للفرح بالدنيا وَأَحْوَالهَا فالقلوب الَّتِي تعتورها غموم الْآخِرَة هِيَ نورانية تنفرج بِتِلْكَ الْأَنْوَار الَّتِي يطالع بهَا الْآخِرَة وعظيم الرَّجَاء من عِنْد الْمَاجِد الْكَرِيم وَأما الْقُلُوب الَّتِي تعتورها ظلمات الْمعاصِي فَهِيَ قُلُوب معذبة ونفوس لقسة وجوارح كسلة يُرِيدُونَ أَن يستروحوا إِلَى مثل هَذِه الْأَشْيَاء من الملاهي ويتنفسوا فِي فسيح النزهات وَقد أخذت غموم النَّفس بِأَنْفَاسِهِمْ وجرعتهم الغيظ فِي أَنهم لَا يصلونَ إِلَى مُنَاهُمْ على الصفاء فالملوك تخوف الْغدر والبيات مَعَهم والأمراء خوف الْعَزْل مَعَهم