والأمل وَلَا يظْهر الْبُخْل والأمل إِلَّا من فقد الْيَقِين سَاءَ ظنهم برَبهمْ فبخلوا وتلذذوا بشهوات الدُّنْيَا فَحَدثُوا أنفسهم بالأماني الكاذبة
قَوْله حرصا فِي علم قد اتجه على وَجْهَيْن وَجه مِنْهُمَا أَن الْعلم بَحر فَإِذا دخله طَالبه فتوسطه فَلم ير لَهُ ساحلا وَلَا مُنْتَهى وسأم فَيحْتَاج إِلَى حرص يُعينهُ على ذَلِك وَيذْهب بملالته والحرص إِنَّمَا صَار مذموما فِي أَمر الدُّنْيَا لِأَن النَّفس كلما أَعْطَيْت دَرَجَة من الدُّنْيَا نزعت إِلَى أَعلَى مِنْهَا وَهُوَ فِي طلب الدُّنْيَا مَذْمُوم وَلِأَنَّهُ لَا يقنع بِمَا قدر لَهُ فِي اللَّوْح من الرزق الَّذِي قد فرغ الله مِنْهُ لكل نفس والحرص فِي طلب الْعلم مَحْمُود لِأَنَّهُ يترقى بِعِلْمِهِ بِقَلْبِه إِلَى علام الغيوب فَكلما نَالَ دَرَجه قربت مَنْزِلَته عِنْد ربه قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات}
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن يَوْمًا لَا أزداد فِيهِ علما يقربنِي إِلَى الله تَعَالَى لَا بورك لي فِي طُلُوع شمس ذَلِك الْيَوْم
فالحرص فِي طلب الْعلم يرقى بِصَاحِبِهِ والحرص فِي طلب الدُّنْيَا يحط بِصَاحِبِهِ
وَالْوَجْه الآخر من الْحِرْص أَنه يحرص على الْبر وَالتَّقوى فَيحْتَاج ذَلِك الْحِرْص إِلَى الْعلم لِئَلَّا يتَعَدَّى بِهِ حرصه فِي بره وتقواه إِلَى السُّقُوط فِي التَّهْلُكَة فيبر بِمَا يصير عقوقا وَيَتَّقِي بِمَا يصير وَسْوَسَة وَيعْمل الْبر غير مُصِيب للحق كَمَا فعل جريج الراهب فِي بره وكما فعلت بَنو إِسْرَائِيل فِي تقواهم
عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جريج