وكل شَيْء من الْجنَّة مَوْجُود فِي وَاحِد مِنْهَا جَمِيع الشَّهَوَات أَلا ترى الْعَينَيْنِ النضاختين المذكورتين فِي الْقُرْآن تنضخان بألوان الْأَشْيَاء إِن اشْتهى ولي الله من تِلْكَ الْعين طَعَاما نضخت وَإِن اشْتهى شرابًا نضخت وَإِن اشْتهى جواري نضخت وَإِن اشْتهى دَوَاب نضخت مسرجة ملجمة وَبِذَلِك جَاءَ الْخَبَر
وَرُوِيَ فِي الْخَبَر أَيْضا أَن السحابة تقف على رؤوسهم فينطق مَاؤُهَا فتمطر عَلَيْهِم مَا يشتهون وَإِن الْأَشْجَار تنطق والأقداح تطير فتغترف بِمِقْدَار شَهْوَة الشَّارِب وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قدروها تَقْديرا} أَي لَا يفضل عَن الرّيّ وَلَا ينقص مِنْهُ
وَإِن الرجل مِنْهُم ليمشي فِي بيوتاته ويصعد إِلَى قصوره وَبِيَدِهِ قضيب فيشير بِهِ إِلَى المَاء فَيجْرِي مَعَه حَيْثُ مَا دَار فِي مَنَازِله على مستوى الأَرْض فِي غير أخدُود ويصعد حَيْثُ مَا صعد من أَعلَى قصوره وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيرا}
وَإِن الثَّوْب الَّذِي يلْبسهُ ولي الله يَتلون عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الْوَاحِد سبعين لونا كلما خطر بِبَالِهِ لون تغير لِبَاسه وتلون عَلَيْهِ بِمَا اشتهت نَفسه وَكَذَلِكَ فِيمَا يطعم وَيشْرب كلما تمنى أَو خطر بِبَالِهِ شَيْء تغير ذَلِك الشَّيْء الَّذِي فِي فِيهِ يمضغه إِلَى طعم مَا خطر بِبَالِهِ
فَهَذَا كُله وَفَاء رَبنَا لعَبْدِهِ حَيْثُ قَالَ وهم فِيمَا اشتهت أنفسهم خَالدُونَ لأَنهم ردوا شهوات نُفُوسهم فِي الدُّنْيَا فَشكر الله لَهُم فِي دَاره فَكلما تناولوا بِشَهْوَة من طَعَام أَو شراب أَو لِبَاس أَو مركب