وإذا علمنا مِمَّا مضى أن حَدِيْث مُحَمَّد بن فضيل، عن عَبْد الله بن سعيد، عن أبي هُرَيْرَة، لا تقوم الحجة بِهِ، وذلك لضعف عَبْد الله بن سعيد، فكيف تتساوى وجوه الرِّوَايَة؟!
5. أما دعوى إعلال النقاد لَهُ، فليس في كلام الإمام البخاري ما يدل عَلَى إعلاله لَهُ، فغاية مراد الإمام البخاري من قوله هَذَا تشخيص حالة التفرد، وذلك لاهتمامهم بناحية التفرد - كَمَا مضى بنا عِنْدَ كلامنا عن التفرد -.
ومحمد بن عَبْد الله الملقب بالنفس الزكية (?) ثقة (?) ، لذا قَالَ ابن التركماني:
((وثّقه النسائي وقول البخاري ((لا يتابع عَلَى حديثه)) ليس بصريح في الجرح فلا يعارض توثيق النسائي)) (?) .
وأما قوله: ((لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟)) .
فإنما يتأتى الإعلال بِهِ عَلَى شرط الإمام البخاري رحمه الله من عدم الاكتفاء بالمعاصرة، أما الجمهور فعلى مذهب الإمام مُسْلِم من الاكتفاء بالمعاصرة مع إمكان اللقاء (?) ، وما في أيدينا تطبيق لهذه القاعدة، فأبو الزناد - عَبْد الله بن ذكوان - مدنيٌّ عاش في الْمَدِيْنَة ومات فِيْهَا سنة (130 هـ) (?) ، ومحمد بن عَبْد الله مدنيٌّ أَيْضاً عاش في الْمَدِيْنَة، وخرج بالمدينة عَلَى أبي جعفر المنصور، واستولى عَلَى الْمَدِيْنَة سنة (145 هـ) وفيها قتل (?) .