قبل أن نشرع في هذا البحث يجب أن نعلم أن هذه المسألة من مسائل خلاف (التضاد السائغ) التي يسوغ أن يكون فيها قول آخر، ولا يؤدي إلى النزاع والخصومة، وهذا هو مراد الشافعي ـ رحمه الله ـ حين قال: ((قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يتحمل الصواب)) .
وهذا الخلاف يكون مبناه على أدلة صحيحة لكن حدث الخلاف بين سلفنا
ـ رحمهم الله ـ في هذه الأدلة.
ومثل هذا الخلاف لا يشنع فيه على المخالف فضلا على أن يترتب عليه ولاء وبراء، وإنما قلت ذلك لما رأيت بعض إخواني من طلاب العلم يوالون ويعادون في مسائل لا تدخل في مثل هذا الباب مثل: ((دخول الحائض المسجد)) ، و ((وضع اليدين عند القيام من الركوع)) ....إلخ.
من مسائل اختلف السلف فيها من قبلنا وساغهم هذا الخلاف، وما رأيناهم يوجهون السباب والشتائم بسبب مثل هذه المسائل.
إنما كانوا ينكرون ويوالون ويعادون في مسائل ((خلاف التضاد غير السائغ)) ، وغالبا تكون في العقيدة ومع أهل البدع والأهواء.
خلاصة ذلك: أن أهل العلم قسموا الخلاف إلى قسمين:
- خلاف تنوع.
- خلاف تضاد.
فالأول
خلاف التنوع: أن كل إمام مع دليله ولا تعارض بين الأقوال ويمكن العمل بها جميعا كتنوع الوارد في أدعية الاستفتاح وغيره.
الثاني
خلاف التضاد وينقسم إلي قسمين:
- تضاد سائغ.
- تضاد غير سائغ.
(1) : تضاد سائغ:
أن كلا القولين ضد الآخر لكن بدليل (مثل هذه المسألة) ، وكل إمام اجتهد في الدليل وقد يكون الدليل واحد واختلف في فهمه مثلما اختلف الصحابة فى صلاة العصر في بنى قريظة.
قال سعيد بن سليمان: قلما سمعت مالكا يفتي بشيء إلا تلا هذه الآية
: ((إن نظن ألا ظنا وما نحن بمستيقنين)) [الجاثية:32] ويدخل.
(2) : تضاد غير سائغ:
هو أن يكون كلا القولين ضد الآخر، لكن أحدهما ليس معه دليل، أو خالف الدليل البين بغير دليل اوخالف أجماع المسلمين.
وهذا اختصار مني ومن أراد الازدياد فليراجع كتب ((فقه الخلاف))
ثانياً: