وكانت الجمعيات الخيرية من هاتين الطائفتين تقدم لهم أقواتهم الضرورية على حسب إمكانها، ولم يكن في وسع الجمعية الإسلامية المذكورة أن تقوم بكفاية جميع فقراء المسلمين. وقد استمر هؤلاء الفقراء من المسلمين يتناولون هذه الجراية إلى أن نفذت «1» نقود الإعانة، وكان الموسم قد اقترب وهبط سعر الشنبل من الحنطة إلى 1200 ومن الشعير إلى 600 قرش، وتبين أن المحل كان في الجهات القبلية فقط، وهي جهة العيس والأحصّ وقضاء المعرة، أما في الجهات الشرقية وهي قضاء الباب ومنبج فقد كان المحل فيها أقل فتكا؛ لأن الشنبل من البذر حصل مثله، وفي جهتي الشمال والغرب حصل الشنبل من البذر ضعفه أو ثلاثة أمثاله.
والخلاصة أن المدة المجموعة من أواخر سنة 1335 وأوائل هذه السنة وهي 1336 لم يمرّ في أيام هذه الحرب أصعب ولا أكثر ميتا بالجوع منها.
وفيها تواردت الأخبار البرقية باستيلاء الجيوش الإنكليزية العربية على السلط ويافا وغيرها من تلك الجهات وتقدموا إلى جهة درعا.
وفيها عاد البرنس عبد الحليم أفندي أحد أفراد الأسرة العثمانية من جهة فلسطين متوجها إلى استانبول.
وفيها فتحت الحكومة اكتتاب استقراض داخلي قدره ثلاثون مليونا من الليرات، الورق النقدي، بفائض خمسة في المائة في السنة، على أنها تقبل الورق العثماني على سعره الأميري وتدفع عن كل مائة ورقة خمس ليرات ذهب فائضا على قسطين، الأول بعد ستة أشهر من تاريخ أخذ القرض، والثاني بعد ستة أشهر أخرى. فلم يقبل الناس على هذا القرض إقبالا يستحق الذكر لعدم ثقتهم بالحكومة. وفي شتاء هذه السنة كانت الأمطار كثيرة وكان