الأمر بالأمر بالشيء فقط، بل منه ومن قوله كلما أمرك به فلان فقد أمرتك به.

ومن هذا تعرف أن أمر الله تعالى لنبيه صلي الله عليه وسلم بأخذ المال من الأمة لا يكون أمرًا للأمة بالإعطاء له عليه السلام.

مثاله: قوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها}، فإن ذلك لا يكون أمرًا للأمة بإعطاء الصدقة إليه عليه السلام، لأنه لا مساغ في أن يقول السيد لأحد العبدين: "خذ من الآخر كذا"، ويقول للآخر جوزت لك: أن لا تمكنه منه، ولو كان الأمر بالأخذ أمرًا بالإعطاء لعد ذلك مناقضًا كما لو قال: أوجبت عليك الإعطاء، و "جوزت لك أن لا تعطي.

فإن قلت: فقد ناقضت، إذ من مذهبك أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومعلوم أن الأخذ لا يتم إلا بالإعطاء فيكون مقتضاه أن يكون الإعطاء واجبًا، فالقول بعدم وجوبه مع إيجاب الأخذ مناقضة.

قلت: إن كل المراد من الأخذ: "الطلب" فاندفاع التناقض ظاهر، إذ من المعلوم أن الطلب لا يتوقف على الإعطاء.

وإن / (159/ب) كان المراد منه: "التسلم" فهو وإن كان متوقفًا على التسلم لكن لا يتوقف على التسليم الواجب، إذ يجوز أن يوجد ولو بالتسليم المحرم فيكون انتفاؤه منافيًا للتسليم لانتفاء علة وجوده.

سلمنا: ذلك لكن ليس كلما يتوقف عليه الواجب فهو واجب مطلقًا، بل ذلك بشرط أن يكون مقدورًا للمكلف، وفعل الغير غير مقدور له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015