وثانيهما: أن الطاعة يتوقف معرفتها على معرفة الأمر، لكونها عبارة عن موافقة الأمر عند أصحابنا فتعريف الأمر بها دور.
اعلم أن الإشكال الأول: لازم لا محيص عنه، اللهم إلا أن يكون مراده تعريف الأمر الاصطلاحي، دون الأمر اللغوي، ويريد بالمأمور والمأمور به: ما هو معناهما في اللغة.
فعلى هذا التقدير لا يلزم الدور، لأنه حينئذ لا يتوقف معرفتها إلا على معرفة الأمر اللغوي لا على معرفة الأمر الاصطلاحي لكنه باطل، إذ ليس للأمر بحسب الاصطلاح معني وبحسب اللغة معني آخر.
أو يكون مراده منه أن يعرف أن الأمر وإن كان عنده عبارة عن المعني القائم بالنفس لكونه قسمًا من أقسام الكلام الذي هو عبارة عن المعني القائم بالنفس عنده، لكنه في أصول الفقه عبارة عن القول المخصوص عنده أيضًا، كما هو عبارة عنه عند الخصم.
فعلى هذا لا يكون الغرض من التحديد تعريف ماهية الأمر بل تمييز الأمر بمعني اللفظ عن الأمر بمعني الاستدعاء النفساني وتمييزه عما قاله الخصم بأنه عبارة عن الإرادة، فهذا أقصى ما يمكن أن يقال في تقريره.
وأما الثاني: ففيه نظر: فإن الطاعة اللغوية التي هي بمعني الانقياد لا