لما بينهما من المناسبة، فإذا لم تكن الحقيقة مرادة ولم يكن مع اللفظ قرينة، أمكن إصابة المجاز بسبب فهم الحقيقة، وأما فهم/ (72/ب) إحدى الحقيقتين، فإنه لا يعين على فهم الأخرى، فلا يمكن إصابة إحداهما عند عدم إرادة الأخرى إلا بالقرينة.
فإن قلت: الاشتراك [أولى] لوجوه.
أحدها: أنه أكثر فائدة، لأنه يصح أن يجعل عن كل حقيقة من حقيقتي المشترك مجاز، ويصح منه الاشتقاق، لكونه حقيقة، بخلاف المجاز، فإنه لا يصح منه ذلك.
وثانيها: أنه مطرد في جميع مسمياته على البدل، بخلاف المجاز فإنه غير لازم الاطراد، كما سبق، والمطرد أولى من غيره لقلة اضطرابه.
وثالثها: أن سامع المشترك إن علم القرينة عمل به، وإلا توقف في العلم والعمل، وهذا وإن كان يلزم منه أن لا يحصل له العلم بالمراد وأن لا يحصل المراد، لكن لا يلزم منه العلم بكون غير المراد مرادا، ولا حصول ما هو غير المراد.
وأما سامع المجاز إن لم يعلم القرينة حمل اللفظ على الحقيقة، وحينئذ يلزم المحذوران المنفيان عن الأول، فكان الاشتراك أولى القلة المحذور.