ولا يجاب عنه: بمنع إحتياج الإضمار إلى ثلاث قرائن، وهذا لأنه لا يحتاج إلى قرينة تعيين موضع الإضمار، لأنه إن حسن كل واحد من التقديم والتأخير، بحيث لا يختلف به الغرض فلا حاجة إلى التعيين، بل للسامع أن يضمر في أي موضع شيئا إذ لا يختلف به الغرض، كما إذا أمر بإعتاق رقبة، فإنه لا يحتاج إلى تعيين الرقبة، بل يخرج عن عهدة التكليف بإعتاق أي رقبة شاء، وإن لم يحسن بالتفسير المذكور تعين الآخر ولا يحتاج إلى القرينة أيضا.
وكذلك الكلام في قرينة تعيين المضمر، فإنه إن حسن إضمار كل واحد من تلك الأشياء، فلا حاجة إلى التعيين، بل الأمر فيه موكولا إلى المخاطب، وإن لم يحسن البعض، فإن كان الباقي وحده واحدا تعين، وإن كان أكثر كان الكلام فيه كالكلام في الأول.
لأنه يقال: الأمر وإن كان كما ذكرتم، لكن عدم صلاحية أول الكلام أو آخره لذلك، وعدم صلاحية إضمار البعض دون البعض لابد وأن يكون لدليل منفصل، إذ الإضمار من حيث إنه إضمار لا يدل عليه، وحينئذ يتوقف صحة الإضمار على وجه التخيير بين التقديم والتأخير وبين المضمرات، أو على وجه التعيين في موضع مخصوص ومضمر مخصوص على معرفة وجود ذلك الدليل وعدمه، ضرورة أن العلم بالمشروط متوقف على العلم بالشرط، وحينئذ يعود الاحتياج المذكور في صور التعيين وفي صور التخيير، وإن كان لا يحتاج إلى وجود تينيك القرينتين، لكن يحتاج إلى معرفة عدمهما، وإنما يعرف ذلك بعد الطلب الشديد والبحث البليغ، وهو أمر شاق قل ما يوجد لا يتوقف عليه وعلى مثله المشترك، فكان أولى، ولو اكتفى في ذلك بالأصل مع أن