كما سبق، لكنه في بادئ النظر حتى لو لم يكن في الكلام الباقي بعد الإسقاط ما يدل عليه لم يصح الإضمار، ولهذا لا يصح أن يقول: "واسأل زيدا" يريد غلامه، أو أباه، بطريق الإضمار، بخلاف الاقتضاء، فإنه قد يحتاج فيه إلى إمعان النظر والاستعانة فيه بعلوم أخر، غير معرفة اللغة، ولهذا لا يعرف كل واحد من أهل اللسان إن في قوله عليه السلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" اقتضاء، ما لم يعرف عصمته عليه السلام عن الكذب سهوا وعما، وذلك يحتاج فيه إلى نظر وفكر.
وثانيهما: أن في صورة الإضمار يتغير إسناد اللفظ لا محالة عند تصريح المضمر، وصورة الاقتضاء قد تكون ذلك، كما سبق في الحديث، وقد لا تكون كذلك، كما في "اصعد السطح"، فإن عند تصريح نصب السلم لا يتغير إسناد الصعود، وكذلك في "اعتق عبدك عني بألف"، فإنه يقتضى إثبات الملك له أولا، وعند التصريح به لا يتغير إسناد العتق إليه، بل هو على حاله.
وإذا اتضح ما ذكرنا من وجه المغايرة.
فنقول: قد حصل لك منه أن المقتضى، إنما يمتاز عن المضمر بأمر عارض معنوي، ولفظي وهو أنه يجوز أن يكون مغفولا عنه، وأن لا يكون مغيرا للإسناد لا بالذات والماهية، فإنهما متحدان في أن مقصود الكلام لا يتم بدونهما، والخلل في فهم مراد المتكلم، إنما ينشأ من هذا الوجه، لا من الوجه العارضي، وإذا كان كذلك، كان الخلل الناشئ من احتمال الاقتضاء [مثل الخلل الناشئ من احتمال الإضمار، وكان ذكره مغنياً عن ذكره،