وتحمل المشاق فيما يتعلق في فعله وفي مخالفة النفس والضرر منفي للحديث فوجب أن يكون الحكم منتفيًا.
فإن قلت: هذا مختص بالوجوب والتحريم دون الأحكام الباقية كالندب والصحة والفساد.
قلت: ما من حكم تكليفي إلا وفيه نوع من الضرر؛ فإن المندوب مثلًا فيه ضرر الفعل وضرر مخالفة النفس على تقدير الفعل، وعلى تقدير القول ضرر فوت الثواب المرتب عليه، وكذا كون العقد صحيحًا؛ لأنه إذا دعاه الداعي إلى مباشرة ما يخالفه كان مباشرًا للفائت فيترتب عليه العقاب هذا على تقدير الفعل، وعلى تقدير الترك يلزم ضرر ترك المراد وعلى هذا فقس.
وثامنها: إن الحكم إن ثبت بلا دليل لزم تكليف ما لا يطاق، وإن ثبت معه.
فإن كان الدليل قديمًا وكان الحكم ثابتًا معه في الأزل لزم العبث وإلا لزم الخلف.
وإن كان حادثًا والأصل عدمه لأنه كان معدومًا فالأصل استمراره وبقاؤه على ما كان عليه، ولأن كونه دليلًا يتوقف على وجود الذات وعلى وجود وصف كونه دليلًا بخلاف ما إذا لم يكن دليلًا فإنه إما أن لا يتوقف على شيء، أو يتوقف على أمر واحد وما يتوقف على أمرين فإنه مرجوح بالنسبة إلى ما يتوقف على أمر واحد، فكونه دليلًا مرجوح بالنسبة إلى عدم كونه دليلًا، والعمل بالظن واجب فيجب العمل بمقتضى عدم كونه دليلًا.
وتاسعها: أنه لو كان الحكم ثابتًا لاشتهر دليله لأنه مما تعم به البلوى وما شأنه كذلك يجب اشتهار دليله ولما لم يكن كذلك غلب على الظن عدمه.