وأما البراءة الأصلية فإنها تدل على عدم الوجوب في الكل، ترك العمل بها في الثلث لحصول الإجماع عليه فيبقى الباقي على أصله وحينئذ يجب المصير إليه وهذا إنما يتم إذا لم يكن في الأمة من يقول بعدم وجوب شيء منها، فإن بتقدير ذلك لا يكون القول بوجوب الثلث قول كل الأمة، وأن لا يكون هناك دليل سمعي من نص أو قياس دال على الأكثر، فإن بتقدير ذلك لا يصح أن يتمسك بالبراءة الأصلية على نفي الزائد لأنها ليست بحجة مع الناقل السمعي. وكلام الإمام يشعر باشتراط عدم ورود الدليل السمعي بالأقل وعلل بأنه لو ورد فيه شيء كان الرجوع إلى أقل ما قيل لأجله لا لأجل الرجوع إلى أقل ما قيل.

وهذا فيه نظر لأن هذا الاحتمال قائم في كل الإجماع مع أنه لا ينفي حجيته فكذا ما نحن فيه، ثم الذي يؤكد أن دية اليهودي مثال للمسألة مع أنه ورد في الدليل السمعي على ما اعتقده أصحابنا.

لا يقال: خالفتم هذا الأصل في العدد الذي تنعقد به الجمعة فإنكم شرطتم في ذلك الأربعين وهو ليس أقل ما قيل فيه بل أقل ما قيل فيه غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015