شئت فإنك لا تحكم إلا بالصواب، أو افعل ما شئت فإنك لا تفعل إلا الحق علم أن كل ما يختاره صواب فكان آمنًا من فعل القبيح، فكان متمكنًا من الخروج عن عهدة التكليف فوجب القطع بجوازه.
وجوابه: بعض ما سبق، ويخصه أن المعتبر في صحة التكليف أن يأمن المكلف من فعل القبيح قبل الفعل لعلمه أو ظنه بكون المكلف به غير مشتمل على القبح بناء على دليل أو أمارة وما نحن فيه ليس كذلك فلم يلزم الجواز.
وخامسها: إذا جاز الحكم بالأمارة الظنية مع جواز الخطأ فيها عن الصواب جاز الحكم بما يختاره المكلف من غير دليل وإن جاز عدوله عن جهة الصواب وجوابه بعض ما سبق ويخصه أنه لا يلزم من جواز العمل بالأمارة مع كونها مفيدة للظن جواز العمل بالاختيار من غير ظن مفيد للحكم وفيه نظر.
واحتج من قال بعدم وقوعه بوجهين:
أحدهما: أنه لو كان الرسول عليه السلام مأمورًا بأن يحكم على وفق إرادته من غير دليل لما كان منهيًا عن اتباع الهوى؛ لأنه لا معنى له إلا الحكم بكل ما يميل قلبه إليه من غير دليل، لكنه كان منهيًا عن ذلك لقوله تعالى {ولا تتبع الهوى}.
لا يقال: لما قيل له ذلك القول كان ذلك نصًا من الله تعالى على حقية كل ما يميل إليه قلبه فلا يكون ذلك اتباعًا للهوى؛ لأنا نقول: فعلى هذا التقدير اتباع الهوى في حقه غير متصور، فلا يجوز أن ينهى عنه؛ لأن النهي عن غير