مصحفًا، فإنك لا تكتب إلا ما طبق ترتيب القرآن، وللجاهل: أخبر فإنك لا تخبر إلا بالصدق، ولأنه لو جاز الإصابة في الأشياء الكثيرة على سبيل الاتفاق لبطل دلالة الأحكام والاتفاق في العلم على علم فاعله؛ لاحتمال أن يقال: إن ذلك على سبيل الاتفاق، وكذلك تبطل دلالة الأخبار عن الغيب على النبوة.
وثانيها: أن الحكم بالشيء مشروط بالعلم أو الظن بحسنه لئلا يقدم المكلف على فعل المفسدة فلو جاز الحكم بالشيء قبل العلم أو الظن بحسنه لزم وجود المشروط بدون الشرط وهو محال. فإن قلت لا نسلم أنه حكم بالشيء قبل العلم أو الظن بحسنه وهذا لأنه علم حسنه بقوله: إنك لا تحكم إلا بالحق وهو يتضمن كونه حسنًا؛ فإن الحكم بما ليس بحسن على تقدير رعاية المصالح ليس بحق.
قلت: ذلك إنما نعرفه بعد الحكم فأما قبل الحكم فلا يكون المحذور لازمًا.
وثالثها: لو جاز ما نحن فيه لجاز أن يقال له: صدق بالنبوة من شئت فإنك لا تصدق الأنبياء، وكذب بالنبوة من شئت فإنك لا تكذب الأنبياء ولجاز في مسائل الأصول من غير تعلم واعتماد على دليل ألبتة، ولجاز أن يفوض إليه تبليغ أحكام الله ووعده ووعيده من غير وحي ينزل عليه نحو أن يقال له: بلغ عنا من الأحكام واخبر بالثواب أو العقاب ما شئت فإنك لا تبلغ ولا تخبر إلا بالحق لكن كل ذلك باطل بالإجماع فكذا ما نحن فيه.
ورابعها: أنه/ (347/ أ) لو جاز ذلك في حق النبي أو العالم لجاز في حق العامي، والجامع: الأمن من الوقوع في الخطأ والباطل لكنه غير جائز بالإجماع فكذا ما نحن فيه.