احتج من لا يجوز التمسك بالمصالح المرسلة؛ بأن هذا النوع من المصالح لم يعهد من الشرع اعتبارها، ولا إلغاؤها، وليس إلحاقه بأحدهما أولى من الآخر دون شاهد يشهد باعتبارها أو إلغائها فامتنع الاحتجاج بها بدونه.

واحتج الخصم: بأن الحكم إن كان مشتملًا على المصلحة الخالصة، أو الراجحة وجب أن يكون مشروعًا [أما الأول فظاهر، وأما الثاني: فلأن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير. وإن كان مشتملًا على المفسدة الخالصة أو الراجحة وجب أن لا يكون مشروعًا وتعليله ظاهر.

وإن كان خاليًا عنهما، أو كان مشتملًا عليهما على السوية وجب أن لا يكون مشروعًا] أيضًا لأنه عبث لا فائدة فيه.

وهذه الأحكام المذكورة في هذه الأقسام الستة كالمعلوم بالضرورة من دين الأنبياء- عليهم السلام- بعد استقراء أحكام الشرائع، والكتاب والسنة دالان عليه تارة بحسب الصرائح، وتارة بحسب الأحكام المشروعة على وفق ما ذكرنا من المصالح.

ولكن قد نجد واقعة لا يشهد لها في الشرع جنسها القريب، وإن كان يشهد لها جنسها البعيد أعني كونها خالص المصلحة أو غالبها، أو خالص المفسدة، أو غالبها، فظهر أنه لا توجد مصلحة، إلا ويوجد في الشرع ما يشهد لها بالاعتبار، بحسب جنسها البعيد، وهو عموم كونه وصفًا مصلحيًا أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015