وثانيهما: أن عدم حدوث الحادث أكثر من عدم الباقي؛ لأنه يصدق على ما لا نهاية له أنه لم يحدث.
وأما عدم الباقي بعد حدوثه فذلك يصدق على ما لا نهاية له ضرورة أنه يستدعى وجود ما لا نهاية له وهو محال، وما يتوقف على المحال فهو محال، فعدم الباقي بعدة وجوده لا يصدق على ما لا نهاية له وإذا كان عدم حدوث الحادث أكثر من عدم الباقي بعد وجوده والكثرة موجبه للظن: ثبت أن عدم حدوث الحادث غالب على عدم الشيء بعد وجوده، ولا معنى لرجحان وجود الباقي إلا أن عدمه مرجوحا بالنسبة إلى وجوده وهذا يصلح أن يكون دليلا في المسالة ابتداء.
قوله: مفهوم كونه باقيا يتوقف على كونه حادثا.
قلنا: لا نسلم لأن حصوله في الزمان الثاني ليس أمرًا وجوديًا وإلا لزم التسلسل على ما عرفت ذلك من قبل، وإذا كان كذلك استحال أن يقال: إنه حادث فلا يتوقف مفهوم كونه باقيًا على مفهوم كونه حادثًا.
سلمناه لكنه لا يقدح في الغرض وذلك؛ لأن الحدوث مرجوح بالنسبة إلى البقاء على ما تقدم تقريره فالذات إذا كانت حادثة فهناك أمران حادثان أحدهما الذات، والأخر حصول الذات في ذلك الزمان.
وأما إذا كانت باقية فالذات غير حادثة وإنما الحادث أمر واحد وهو حصول الذات في ذلك الزمان فإذن الحادث مرجوح من وجهين، والباقي مرجوح من جهة واحدة، وما يكون مرجوحًا من جهة واحدة يكون راجحًا على ما يكون مرجوحًا من جهتين لا محالة.
قوله: [لا يعرف كونه راجح الوجود] ما لم يعرف البقاء، والاستدلال بالبقاء على رجحان الوجود دور/ (338/ أ).