الجواب عن الأول: الدليل على أن العقلاء وأهل العرف لا يقدمون على الفعل والترك بمجرد الاحتمال والتجويز هو أنهم لا يسافرون إلى حيث لا يغلب فيه السلامة، ولا يتجرون فيما لا يغلب فيه الربح، ولا يقصدون بحاجة من لا يغلب على ظنهم إلا نجاح منه، ولا يزرعون من حيث لا يغلب فيه وجود المطر، وكذا لا يتركون ركوب البحر والاسفار والتجارات بمجرد احتمال الفرق، وقطع الطريق، والمرض الناشئ من جهة السفر والخسارة، ولو كان مجرد الاحتمال كافيًا في الإقدام على الفعل والترك لما كان ذلك.
لا يقال: ذلك فيما فيه مشقة وتعب وغرر في النفس أو المال أما فيما ليس فيه شيء من ذلك فلا نسلم ذلك فيه.
وبعث الكتاب إلى الأهل والمتخلفين والاستخبار منهم من قبيل ما لا ضرر فيه، فلا جرم مجرد الاحتمال كاف فيه؟ لأنا نقول: لشيء حكم الاستصحاب مقصورًا فيما ذكرتم حتى يتجه المنع بل يستصحبون حكم الاصل وإن كان فيه مضرة وتعب وغرر في المال والنفس فإن الإنسان قد يسافر إلى بلد لرؤية أهله وأتاربه لعهده بهم فيها وإن لم يكن له فيها أرب سواه بل ربا يكره الدخول في تلك البلدة وحينئذ لا يتجه ما ذكروه من المنع.
وعن الثاني: أنه يلوم من رجحان الطهارة جواز الصلاة؛ لأنه لو لم يلوم ذلك لزم ترجيح المرجوح على الراجح وأنه ممتنع.
وأيضًا: العمل بالظن الراجح واجب في صور كثيرة فكذا ما نحن فيه تحصيلاً للمصلحة الناشئة من العمل المظنون.
وأما قوله: لو جازت الصلاة مع رجحان ظن الطهارة للزم النقض في صورة النوم والإغماء فممنوع؛ وهذا لأنه لا نسلم وجود ظن الطهارة وإن