وهذا كحصول كل واحد من الغنى التام الواسع والملك لأكثر أفراد الناس غير غالب مع أن حصول الغنى أغلب من الملك.
وأما الوجه الثالث فالكلام عليه أن يقول: ما المعنى من قولك: لا نسلم أن الباقي مستغن عن المؤثر؟
إن عنى به: أن كونه باقيا مستغن عن المؤثر فهذا ممنوع؛ وهذا لأن كونه باقيًا حادث؛ ضرورة أنه ما كان حاصلا في الزمان الأول ثم حدث في الزمان الثاني فيكون حادثًا فاستغناؤه عن المؤثر يقتضى استغناء الحادث عنه وهو باطل قطعًا وهو أيضًا مناقض لقولكم الحادث مفتقر إليه.
وإن عنى به شيئًا فلابد من إفادة تصوره أولاً، ثم من إقامة الدلالة على أنه مستغن عنه بذلك المعنى.
نزلنا عن الاستفسار، لكن لا نسلم أن الباقي غير مفتقر إلى المؤثر.
قوله: لو كان مفتقرًا إليه فأثره إما أن يكون عين ما كان حاصلاً أو غيره ..
قلنا: اخترنا القسم الثاني؛ وهذا لأنه لا معنى لبقائه إلا حصوله في الزمان الثاني والثالث بعد أن كان حاصلاً في الزمان الأول ولا شك أن هذا المفهوم ما كان حاصلاً في الزمان الأول فيكون غير ما كان حاصلاً فلم لا يجوز أن يكون أثر المؤثر الذى يحتاج إليه الباقي هذا.
لا يقال: كلامنا في احتياج الباقي لا الحادث وعلى ما ذكرتم يكون المحتاج الحادث لا الباقي لأن ما ذكرتم من المفهوم حادث ضرورة أن ما كان حاصلاً في