وإنما قلنا: أن الألم قدر مشترك بينها فذلك ظاهر غنى عن البيان.
فإن قلت: ما المعنى بألم القلب؟
إن عنيت به الغم والحزن فهو باطل؟ فإن من خرق ثوب إنسان أو أحرق داره وكان المالك غافلاً عنه يقال فيه: أضر به وأضره مع أنه لا هم هناك ولا غم.
وإن عنيت به معنى آخر فبينه لينظر هل هو مشترك بينها أم لا؟ نزلنا عن هذا المقام، لكن كما أن ألم القلب قدر مشترك بينها فكذا يجوز أن يكون بينها فدر مشترك آخر وحينئذ لا يجب أن يكون حقيقة فيما ذكرتم من القدر المشترك فلم لا يجوز أن يكون كذلك وعليكم بيانه.
ثم أنا نتبرع ببيان القدر المشترك الأخر وهو أن تفويت الفع قدر مشترك بينها فلما كان ما ذكرتم من المشترك أولى من هذا؟ وعليكم الترجيح.
ثم أنه معنا؟ لأن النفع والضرر متقابلان لكون كل واحد محهما يذكر في مقابلة الآخر، والنفع عبارة عن تحصيل النفع، فيكون الضرر عبارة عن تفويت المنفعة، وإذا كان حقيقة فيه لا يكون حقيقة فيما ذكرتم دفعا للاشتراك.
سلمنا دلالة ما في ذكرتم على أن الضرر عبارة عن ألم القلب لكنه معارض بوجوه:
أحدها: أنه لو كان حقيقة فيه لوجب أن يتبادر إلى الفهم عند سماعه لأن من شان الحقيقة ذلك، لكنه غير متبادر إذ لا يفهم من قول القائل: أضر فلان فلانًا، أو أضر به أنه آلم قلبه، وحينئذ يلزم أن لا يكون حقيقة فيه.
وثانيها: قوله تعالى: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا