وتلك الحكمة إما عود النفع إليه وهو محال لاستحالة الانتفاع عليه، وإما عود النفع إلينا؛ لأن كون تلك الحكمة عود الضرر إلينا ممتنع إجماعا، وحينئذ يلزم أن يكون الإذن ثابتًا لأن لازم المطلوب مطلوب، ولا يخفى عليك أنه مبنى على تعليل أفعال الله تعالى.

الدليل الخامس: القياس، وتقريره: أنه انتفاع بما لا ضرر فيه على المالك قطعا، وهو خال عن أمارات المفسدة فوجب أن يجوز كالاستضاءة بسراج الغير، والاستظلال بحائط الغير.

وانما قلنا: إنه لا ضرر فيه على المالك قطعًا؛ فلان المالك هو الله تعالى والضرر عليه ممتنع قطعًا.

وأما ملك العباد فلأن الأصل عدمه، فوجب استمراره، ولأن الكلام مفروض حيث لا ملك فيه لأحد من خلق الله تعالى.

وأما أنه خال من أمار ات المفسدة فلأن الكلام مفروض فعه وما ذكرناه في الجواب عنه في مسألة حكم الأشياء قبل الشرع غير آت ها هنا وهو ظاهر

فإن قلت: هذا يقتضى القول بإباحة كل المحظورات؛ لأن فاعلها ينتفع بها، ولا ضرر فيها على المالك. وهو يقتضي سقوط أكثر التكليف وهو ممتنع.

سلمنا سلامته عن النقض لكن الفرق بينهما حاصل:

وبيانه من حيث الأجمال: وهو أن المالك لو منع من الاستضاءة بسراجه ومن الاستظلال بجداره قبح ذلك منه، والله تعالى لو منع من الانتفاع لم يقبح منه، والافتراق في الحكم دليل على الافتراق في الحكمة:

قلت: أما الأول فغير واردة لأنه ليس خال عن أمارات المفسدة؛ لأن نهى الشارع عنها أمارة مفسدتها أما على رأى المعتزلة فظاهر، وأما على رأينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015