الاختصاص النافع وفى الخالي عنه على وجه الحقيقة ضرورة وجود مطلق الاختصاص فيهما فكان أولى، وكيف لا وهو موافق لكلام النحاة من أن اللام للاختصاص، ولا يقتضى النقل عنه الذى هو خلاف الأصل، وحمل كلامهم على أن المراد منه الاختصاص النافع خلاف الأصل لكونه تقييدًا للمطلق.
وعن الثاني: أنه يفيد مسمى الانتفاع كما سلمتم لكن يلزم منه المطلوب؛ لأنه يلزم منه تحقق فرد من أفراد الانتفاعات ضرورة أنه لا يمكن دخول المسمى الكلى في الوجود [إ] لا في ضمن فرد من أفراده، وما هو من ضرورات المأذون فيه يكون مأذونًا فيه فالانتفاع بفرد من أفراد الانتفاعات [مأذون فيه، ويلزم من هذا الإذن في كل الانتفاعات] ضرورة أنه لا قائل بالفصل.
وأما قوله: نحمله على الاستدلال به على وجود الصانع فغير ممكن؛ هذا النفع حاصل للمكلف من نفسه فإنه يمكنه أن يستدل بنفسه على وجود الصانع فلو حمل الانتفاع بما في الأرض على هذا لزم الحاصل وهو ممتنع.
لا يقال: لا نسلم أنه يلزم تحصيل الحاصل؛ وهذا لأن الانتفاع بالاستدلال الثاني غير الانتفاع بالاستدلال بنفسه ضرورة أنه يحصل تكيد العلم الأول؛ لأنا نقول: الدليل على أنه تحصيل للحاصل: أن الحاصل بالاستدلال الأول هو العلم بوجود الصانع وما هو من لوازمه، والحاصل بالاستدلال الثاني هو هذا فكان ذلك تحصيلا للحاصل.
وأما قوله: يحصل تأكيد العلم فممنوع؛ وهذا لأن العلم غير قابل للتأكيد.