ففي هاتين الآيتين يمتنع أن تفيد اللام الاختصاص بجهة الانتفاع؛ أما في الآية الأولى: فلاستحالة حصول النفع في الإساعة، وأما في الثانية: فلاستحالة النفع على الله ولأن الائمة قالوا: اللام إما للملك، أو للاختصاص وهو غير ما قلتموه؛ إذ المطلق غير المقيد قطعًا.
سلمناه لكن ذلك يفيد مسمى الانتفاع أو يفيد كل الانتفاعات؟
الأول مسلم، لكنه لا يفيد المطلوب؛ لأنه يكفي في العمل بها حينئذ حصول فرد واحد من أفراد الانتفاعات ونحن نقول به، وذلك الفرد هو الاستدلال بما في الأرض على وجود الصانع تعالى، والثاني ممنوع فما الدليل عليه؟
ثم الذى يدل على أن لا يفيد التعميم: أنه ليس في مدلولات الحروف عموم ألبتة.
سلمناه لكن اللام داخلة على الخلق فيجوز الانتفاع بالخلق؟
فلم قلت: إنه يجوز بالمخلوق فإن المخلوق غير الخلق؟
فإن قلت: الانتفاع بالخلق غير متصور؛ وهذا لان الخلق صفة من صفات الله تعالى فلا نفع للمكلف في صفة الله تعالى فيجب أن يكون المراد من الخلق: المخلوق.
قلت: لا نسلم أن الانتفاع بالخلق غير متصورة وهذا لأنه يمكن الاستدلال على وجود الصانع، وكمال قدرته، وهو وإن كان غير محسوس لكنه معقول، فأما إذا شاهدنا أن الشيء وجد بعد أن لم يكن علمنا أنه إنما وجد بالخلق.
سلمنا أن الانتفاع به غير متصور لكن حمل الخلق على المخلوق مجاز.