هكذا قيل في جوابه وفيه نظر؛ لأن كل ما دل على وجوب طلب العلم دل على وجوب النظر؛ وضرورة أن العلم النظري لا يحصل إلا بالنظر؛ فلا يلزم من ترك العمل بالخبر في وجوب طلب العلم لاتفاق الكل على أنه لا يجب تحصيل العلم في جميع مسائل الفروع وترك العمل به في وجوب النظر الذى لا يوجد فيه ذلك الدليل.
فالأولى في ذلك أن يقال: إن المراد منه العلم بأركان الدين وأركانها وشرائطها وجميع العلوم التي هي فرض عين دون التي على الكفاية، وهذا وإن لزم منه التخصيص، أو التقييد لكن يجب المصير إليه جمعًا بين ما ذكرنا من الدليل وبين ما ذكرتم من الدليل فإن الجمع بين الدليلين أولى من ترك أحدهما بالكلية.
وجواب الثاني: أنا لا نسلم أن المراد منه الاجتهاد الاصطلاحي منه الاجتهاد اللغوي بقرينة قوله: "فكل ميسر لما خلق له"
سلمناه لكن يجب حمله على الأمر على الكفاية جمعًا بين الدليلين.
سلمنا أنه محمول على فرض العين لكنه محمول على من له أهلية الاجتهاد لئلا يلزم تكليف ما لا يطاق أو الإضمار.
وثالثها. أن العامي لو كان مأمورًا بالتقليد فلا يأمن أن يكون من قلده مخطئًا في اجتهاده، أو أنه كاذب فيما أخبوه به فيكون العامي مأمورًا باتباع الخطأ والكذب وذلك الشارع ممتنع.
وجوابه. أنا لا نسلم أنه مأمور بالخطأ والكذب حينئذ؛ وهذا لأنه لما أمر باتباع المجتهد الذي غلب على ظنه صدقه، واتصافه بشرائط الاجتهاد صار ما