وثانيهما: أن الراوي إذا كان عدلاً ثقة متمكنًا من فهم كلام المجتهد الذى مات، وعارفا بمقاصده من كلامه، وبأصوله وفروعه ثم روى للعامي قوله حصل للعامي ظن صدقه، ثم كون المجتهد عدلا ثقه عالمًا مستجمعا لشرائط الاجتهاد يوجب ظن صدقه في تلك الفتوى، وحينئذ يتولد من هذين الظنين للعامي ظن أن حكم الله تعالى ما روى له هذا الراوي الحى عن ذلك المجتهد الميت، والعمل بالظن واجب، فوجب أن يجب على العامي العمل بذلك.

وفيه أيضًا نظرة لأن حصول الظن مطلقا كيف ما كان غير معتبر بل المعتبر الظن الحاصل من طريق معتبر شرعًا، فلم قلتم إن هذا طريق معتبر شرعا، فلابد لهذا من دليل، وإذا حصل ذلك الدليل استقل بإفادة المطلوب فيكون التعويض لهذا مستدركًا.

والأولى في ذلك التمسك بالضرورة والحاجة، فإنا لو لم نجوز هذا لأدى ذلك إلى أن الشريعة غير وافية ببيان أكثر الوقائع الحادثة ومعلوم أن ذلك يؤدى إلى التهارج وفساد أحوال الناس.

وأما الثاني: وهو أن يحكى غير المجتهد عن غير المجتهد الحى، فإن كان سمعه منه مشافهة جاز له أن يعمل به وجار أن يعمل الغير أيضا بقوله؛ ولهذا يجوز للمرأة أن تعمل في حكم حيضها بحكاية زوجها عن المجتهدين.

ورجع علي- رضي الله عنه- إلى حكاية المقداد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أمر المذى وفى الاستدلال بهذا على هذا الحكم نظر، من حيث إنه يجوز أن يكون ذلك بطريق رواية الخبر لا بطريق الإفتاء، وعلى هذا لا يعتبر في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015