خاتمة
في نقض الحكم والاجتهاد
أطبق الكل على أنه لا يجوز نقض حكم الحاكم في المسائل الاجتهادية؛ إذ لو جوز ذلك فإما أن يجوز من غير سبب وهو باطل قطعًا، أو بسبب وهو تغير الاجتهاد، أو بحكم حاكم آخر وهو أيضًا باطل، وإلا جاز نقض النقض، وكذا نقض نقض النقض إلى غير النهاية، إذ ليس البعض أولى بذلك من البعض الأخر وحيئذ فإما أن لا يجوز نقض شيء منها وهو المطلوب، أو يجوز نقض كلها وهو الملازمة لكن ذلك باطل؛ لأنه يلزم منه الاخلال بالمقصود الذى لأجله نصب الحاكم وهو فصل الخصومات، وقطع المنازعات، فإن على هذا التقدير لم تنفصل خصومة، ولا تنقطع منازعة، فإنه وإن حكم حاكم في قضية فالخصم الأخر يرفع خصمه إلى حاكم آخر [يرى خلافه، وإذا حكم ذاك بخلاف حكم الأول فخصمه الأول يرفعه إلى حاكم آخر] يرى خلاف ذلك فتبقى القضية متنازع فيها أبدًا، ومعلوم أن هذا مضاد مقصود نصب الحكام فكان باطلاً.
وإنما ينقض حكم الحاكم إذا وقع على خلاف النص القاطع، أو الإجماع، أو القياس الجلي، أما إذا وقع على خلاف غير ذلك من الأدلة الظنية نحو خبر الواحد وغيره فلا ينقض إلا في مواضع لقوة أدلتها وإن كانت ظنية.
ولو حكم حاكم على خلاف اجتهاده مقلدًا لمجتهد آخر فقد اتفق الكل على