يكن كل مجتهد مصيبا، وإن كانا بناء على الدليلين فإن كانا متساويين فمقتضاهما التخيير أو الوقف فالجارم بالنفي أو الإثبات مخطئ فلم يكن كل مجتهد مصيبًا، وإن كان أحدهما راجحًا والآخر مرجوحًا فالتمسك بالراجح مصيب والآخر يكون مخطئا فلم يكن أيضا كل مجتهد مصيبا، وإن كان أحد الحكمين بناء على الدليل دون الآخر كان المتمسك بالدليل مصيبا دون الآخر فلم يكن أيضًا كل مجتهد مصيبًا فعلى كل التقادير لم يكن كل مجتهد مصيبًا.

وأورد الإمام هذا بطريقة أخرى وهى أن أحد المجتهدين إذا اعتقد رجحان الأمارة الدالة على العدم فنقول: أحد هذين الاعتقادين خطأ، والخطأ منهي عنه، فأحد هذين الاعتقادين منهي عنه.

بيان الأول: إن إحدى الأمارتين إما أن تكون راجحة على الأخرى أو لا تكون، فإن كانت إحداهما راجحة على الأخرى كان اعتقاد رجحانه صوابًا واعتقاد رجحان الأمارة الأخرى خطا؛ ضرورة أنه غير مطابق؛ وإن لم تكن إحداهما راجحة على الأخرى كان كل من الاعتقادين خطأ ضرورة عدم مطابقتهما للمعتقد فعلى كل التقديرات لا يكون الاعتقادان مطابقين بل أحدهما يكون بخلاف المعتقد فثبت أن كل مجتهد ليس بمصيب بمعنى كون اعتقاده مطابقا للمعتقد وهذا إحدى صور الخلاف فإن اكتفينا به جاز، وان أردنا بيان أن الكل ليس بمصيب بمعنى أنهم ما أتوا ما كلفوا به قلنا: الدليل عليه: أن الاعتقاد الذى لا يكون مطابقًا للمعتقد جهل والجهل بإجماع الأمة غير مأمور به فثبت أيضًا أن الكل ليسوا بمصيبين بمعنى الإتيان بالمأمور به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015