كالأئمة الأربعة، وكثير من المتكلمين منا كابن فورك، والأستاذ أبى إسحاق.

وهؤلاء اختلفوا.

فمنهم من قال. إن المجتهد غير مكلف بإصابته لخفائه وغموضه، بل هو مكلف بما غلب على ظنه، فهو وإن كان مخطئا على تقدير عدم إصابته لكنه معذور ماجور، وهو قول الفقهاء وشسب إلى الشافعي وأبي حنيفة، ومنهم من قال: أنه مأمور بطلبه، ومكلف بإصابته أولاً،. فإن أخطأ وغلب على ظنه شيء آخر فهناك يتعين التكليف، ويصير مأمورًا بأن يعمل بمقتضى ظنه ولا يأثم ويسقط عنه العقاب تحقيقًا، فهذا شرح مذاهب الناس فيه ولنشرع الآن في الحجاج فنقول: احتج القائلون بأن كل مجتهد مصيب بوجوه:

أحدها: قوله تعالى في حق داود وسليمان: {وكلا آتينا حكمًا وعلمًا} ولو كان أحدهما مخطئًا لما حسن وصفه بذلك، إذ المخطئ في الشيء لا يوصف بانه أوتى فيه الحكم والعلم.

وجوابه: أنا لا نسلم أنه وصف بذلك فيما أخطا فيه وهذا لأنه نكرة في سياق الإثبات، فليس فيه دلالة لا على التعيين، ولا على التعميم، وإنما دلالته على أنه أوتى- حكمًا وعلمًا في الجملة فقط، وحينئذ ليس فيه دلالة على المطلوب، لأن المخطئ في الشيء يجوز أن يوصف بذلك في شيء آخر أو في الجملة، فلم قلت أن ذلك غير جائز حتى يحصل المقصود، أو أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015