كما أنزل من غير تبديل وتحريف في غاية القلة، وهم الذين وصفهم الله تعالى بالعناد حيث قال تعالى: {الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} وقليل من غيرهم كما روى عن بعض المشركين أنه كان يعترف بنبوته في الباطن وما كان يؤمن به للعار؛ فلو كان غير المعاند منهم، أو المجتهد منهم معذورًا لما جاز ذلك منه- عليه السلام.
واعترض عليه: بأنا لا نسلم أنه- عليه السلام- ذمهم وأباح قتلهم وأسرهم وغير ذلك من العقوبات لاعتقادهم الغير المطابق/ (304/ أ) ولجهلهم، بل لتركهم التعلم بما علموا، أو عدم توجيههم نظرهم وفكوهم فيمأ دعوا إليه ونبهوا عليه، وإصرارهم على عقائده هم الأولى مع أنهم أرشدوا إلى دلائل العقائد الحقة.
وأجيب عنه: أن حمل ذلك على أن كلهم [تركوا]، التعلم وأعرضوا عما أرشدوا إليه وأصروا على عقائدهم الأولة مع أنهم نبهوا على طرق العقائد الحقة متعذر العادة، كما أن حمل ذلك على كون كلهم معاندين متعذر عادة، فلم يبق إلا الحمل على أن بعضهم كانوا مقلدة وهم الأكثرون، وبعضهم كانوا معاندين وهم الأقلون، وبعضهم كانوا مجتهدين ومعتقدين حقيته بناء على شبه اعتقدوها دلائل ككثر اليهود، فإنهم يحتجون على حقية دينهم باستحالة نسخه بما يدل عليه من المعقول أو المنقول، وكذلك غيرهم من الكفار من أهل الملة وغيرهم، ولأنا نعلم بالضرورة من حال النبي والصحابة أنه لو جاءهم واحد من الكفرة وقال [لهم]، ظهر لي حقية ديني بناء على