وثالثها: أن يكون عارفا بمدارك الأحكام الشرعية وبطرق استنباطاتها [منها]، ووجوه دلالتها وشرائطها.
ثم قيل: مدارك الأحكام أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل فلابد من العلم بهذه الأربعة، ولابد معها من أربعة أخرى اثنان مقدمان، واثنان متممان، فهذه العلوم الثمانية لابد من بيانها، وبيان القدر الذى لابد للمجتهد من معرفته.
فأما كتاب الفه تعالى فلا يشترط معرفة جميعه، بل ما يتعلق منه بالأحكام، وهو خمسمائة آية، ولا يشترط حفظها، بل يكفى أن يكون عارفا بمواقعها حتى يطلب منها الآية التي يحتاج إليها عند نزول الواقعة.
وأما السنة فلا يشترط أيضًا معرفة جميعها، بل ما يتعلق منها بالأحكام وهي مع كثرتها مضبوطة في الكتب المصنفة في هذا الفن، ثم لا يشترط حفظها بل معرفة مواقعها حتى يطلب منها الحاجة إليها.
وأما الإجماع فينبغي أن يكون عالمًا بمواقعة، حتى لا يفتى بخلاف الإجماع، وطريق ذلك: أن لا يفتى إلا بشيء يوافق قول واحد من العلماء المتقدمين، أو يغلب على ظنه أنه واقعة وقعت في هذا العصر وليس فيها