وثامنها: أن العمل بالاجتهاد أشق من العمل بالنص فيكون أكثر ثوابا، لقوله عليه السلام: "أفضل الأعمال أحمزها" أي أشقها، فلو لم يعمل الرسول عليه السلام بالاجتهاد مع أن أمته عملوا به لزم أن يكون آحاد الأمة مختصا بفضيلة لا توجد فيه فيلزم أن يكون آحاد الأمة أفضل منه في تلك الفضيلة وهو محال لأن آحاد الأمة لا يكون أفضل منه في شيء أصلاً.

لا يقال: إن هذا إنما يمتنع إن لو لم يكن الرسول- عليه السلام- متصفا بفضيلة أخرى أعلى منها بآرائه، فأما إذا كان متصفا بآرائه بفضيلة أخرى أعلى منها فلا نسلم امتناعه وها هنا كذلك، لأنه متصف باستدراك الأحكام من جهة الوحى، وهذا المنصب أعلى من رتبة استدراك الأحكام بطريق الاجتهاد. سلمناه، لكن يقتضى أن لا يعمل الرسول- عليه السلام- إلا بالاجتهاد، ضرورة أن ذلك أفضل لكونه أشق؛ لأنا نقول:

الجواب عن الأول من وجهين:

أحدهما: أنه لا معنى للنبوة إلا إبلاع أثناء الله تعالى وأحكامه بطريق الوحى إلى خلقه، وحينئذ يصير تقدير كلامكم: إنه إنما يمتنع ذلك إن لو لم يكن الرسول رسولاً، فأما بتقدير ذلك فلا نسلم امتناعه، ومعلوم أن ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015